أخبار دوليةالسلطة الخامسةسياسةمغاربة العالمنبض الجالية

أحداث غلاف غزة، أين يصطف مغاربة العالم؟

مع كل هذا التخبط والتردد أكاد أجزم أنه لا مزايدة على المغاربة في دعمهم لإخوانهم في فلسطين وعلى اعتبار القضية الفلسطينية قضيتهم أيضا حتى ينالوا حقوقهم المشروعة في تأسيس دولتهم واندحار الإحتلال وإنهاء سياسة الفصل العنصري.

ذ. أحمد براو

 

 

هناك تخبط وتيه كبير لدى عموم مغاربة العالم وحتى في الداخل في الإفصاح حول ما يجول بداخلهم من عواطف وأحاسيس ممزوجة بين الغضب والإنتشاء والدهشة والترقب لا تكاد تتحول إلى مواقف جازمة واصطفاف واضح للتعبير عنها بشتى الوسائل، نعاني من تخبط حول ما آلت إليه أوضاع القضية الفلسطينية من تطورات دراماتيكية واستراتيجية لابد أن تكون منعطف وتحول ينبئ بتغييرات جيوسياسية وجغرافية وتاريخية في منطقة الشرق الأوسط بعد جرأة الفصائل الفلسطينية في غزة وعنفوانها في تحطيم أسطورة العربي المهزوم والذليل تحت احتلال ظالم وغاشم ومستعمر متغطرس لا يأبه إلا بالقوة والتفوق في جل مجالات المواجهة. فلماذا وقع ذلك التغيير للمغاربة ؟ وماذا يجب أن يكون عليه حالهم؟ وهم من يشهد لهم الجميع بمساندتهم للأشقاء الفلسطينيين وموازرتهم في محنتهم منذ أكثر من 70 سنة ولا أدل عن ذلك من المليونيات التي كانت تصدح وتصرخ في شوارع الرباط والدار البيضاء معبرة عن وقوفها بجانب القضية الفلسطينية، والدعم الرسمي عبر المساعدات المالية والعينية وترأس العاهل المغربي للجنة القدس.

– الموقف الرسمي للمملكة المغربية

أعربت المملكة المغربية عن قلقها العميق جراء تدهور الأوضاع واندلاع الأعمال العسكرية في قطاع غزة وتدين استهداف المدنيين من أي جهة كانت.
وذكر بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أن المملكة المغربية، التي طالما حذرت من تداعيات الانسداد السياسي على السلام في المنطقة ومن مخاطر تزايد الاحتقان والتوتر نتيجة لذلك، تدعو إلى الوقف الفوري لجميع أعمال العنف والعودة إلى التهدئة وتفادي كل أشكال التصعيد التي من شأنها تقويض فرص السلام بالمنطقة.
وأضاف المصدر ذاته أن المملكة المغربية، التي يرأس عاهلها الملك محمد السادس لجنة القدس، تؤكد أن نهج الحوار والمفاوضات يظل السبيل الوحيد للوصول إلى حل شامل ودائم للقضية الفلسطينية، على أساس قرارات الشـرعية الدولية ومبدأ حل الدولتين المتوافق عليه دوليا.
وتكون المملكة بذلك قد جدّدت دعمها الثابت لجهود تحقيق تطلعات حقوق الشعب الفلسطيني العادلة، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفقا لقرارات الشرعية الدولية”.

– تأرجح مؤشر الموقف من التطبيع والتحالف من المحتل

بدأ مسلسل التطبيع بين المغرب وإسرائيل بمرحلة أولية مهزوزة وعرفت انقساما حادا بين المغاربة وكان أكثرهم رفضا هم مغاربة الخارج وذوي التوجهات الحركية الدينية مثل العدالة والتنمية والعدل والإحسان وكذلك اليساريين ومناهضي التطبيع، ولولا تبني هذا الموقف المساند لإعادة تطبيع العلاقات مع اليهود من أعلى سلطة في البلاد ودوائر الحكم والإعلام في المملكة زد على ذلك الموقف الواضح المساند للقضية الفلسطسنية وتطمين الفلسطينيين أن المغرب سيبقى وفيا لتطلعاتهم للإنعتاق من الإحتلال وتحقيق حلمهم في استرداد حقوقهم المشروعة، ومساندتهم ماديا ومعنويا، أقول لولا كل هذه العوامل لازداد الرفض الشعبي لمسلسل التطبيع ولوقف بكل ما يملك من أجل عرقلته وإنهائه، فيما عرفت الشهور التي تلت ذلك تعاونا ورغبة لدى الموقعين عليه للرفع من مستوياته ومجالاته والتأكيد على جدواه حتى في حل إشكاليات الصراع العربي الإسرائيلي ما أدى إلى تآكل الموقف المعارض واتساع رقعة المطبعين.

– أحداث غزة الأخيرة خلطت الأمور في الإصطفافات

أول ما تناقلت وكالات الأخبار الهجوم الفصائلي المباغث الذي تزعمه الجناح العسكري لحركة حماس كتائب القسام، اندهش المغاربة ومعهم العالم لنجاح هذا الهجوم المدروس سلفا والمهيأ منذ مدة ليست بالقصيرة بقدر اندهاشهم من فشل وخيبة جيش الإحتلال وشرطة حدوده في الغلاف المحيط بغزة، لاشك أن جل المتتبعين للأحداث انبهر وأعجب بقوة وشجاعة وابتكار المقاومين لوسائل شلت حركة الجنود الإسرائليين وحيدت عن الخدمة كل وسائل الإستخبارات والإستعلامات والتوقعات والإتصالات، إلا أن جري المقاومين وراء احتجاز وأسر أكبر عدد من الجنود والمدنيين أوقعهم في المحذور بحيث بدأت تبث الأخبار مشاهد مؤثرة ومرعبة لوحشية الهجوم على “المدنيين” وبدأت آلة الدعاية الصهيونية العالمية التي تحسن التعامل معها في استغلال المشاهد والحوادث الدامية إعلاميا عبر قنوات الأخبار العالمية المتعددة، لكسب التعاطف وإدانة الهجوم الفلسطيني. وانتصرت أسرائيل شيئا ما إعلاميا لكسب مواقف مساندة لها ضد المقاومة. وهو ما سمح لها بارتكاب مجازر جديدة بغزة يوم الإثنين الدامي
حتى كاتب هذه السطور كان مترددا في الإفصاح عما يجول بداخله حول ما يقع من أحداث متلاحقة وكم من مرة كتبت تدوينة ثم تراجعت عن نشرها حتى يتبين الأمر شيئا فشيئا، والملاحظ أيضا أنه من خلال تتبعي لصفحات ومجموعات في العديد من المواقع يظهر حليا انصراف العديد من المغاربة في الخارج وحتى الداخل وترددهم في التعبير الحقيقي عن مواقفهم أولا لعدم إحراج الموقف المغربي الرسمي المحسوب على الدول المطبعة مع الإحتلال وثانيا بالنسبة للذين يعيشون في الدول الكبرى التي تساند إسرائيل تاريخيا في السراء والضراء كأمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا التي أعيش بها. فأصبح موقف بعض النشطاء والإعلاميين والمؤثرين الإجتماعيين الإيطاليين والأوروبيين أعلى من مواقف العرب والمسلمين الذين يعتبرون فلسطين قضيتهم الأولى والأقصى مسرى نبيهم أحد أقدس معتقداتهم الدينية. وقد وصل الحد ببعض الخائفين عن المصالح الشخصية إلى التصريح بعدم نشر أو إبداء المواقف في المجموعات المشتركة حتى لا تتعرض مصالحهم للعرقلة مثل طلب الجنسية والإحراج مع البعثات القنصلية المغربية التي لا تخفى عليها ما يتداوله المغاربة في الغرف المغلقة والمجموعات التواصلية.

– مع الحق الفلسطيني دائما وأبدا

مع كل هذا التخبط والتردد أكاد أجزم أنه لا مزايدة على المغاربة في دعمهم لإخوانهم في فلسطين وعلى اعتبار القضية الفلسطينية قضيتهم أيضا حتى ينالوا حقوقهم المشروعة في تأسيس دولتهم واندحار الإحتلال وإنهاء سياسة الفصل العنصري “أبارتيد” وكما صرح بذلك هشام العلوي حول عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها حركة حماس ضد إسرائيل، وأسفرت وفق تقارير متفرقة عن مقتل المئات من المواطنين وجرح آخرين، في هجوم غير مسبوق بحيث علق قائلا “مجددا، تؤكد أحداث 7 أكتوبر صمود الشعب الفلسطيني من أجل البقاء، ولن يكون مصيره مثل مصير الهنود الحمر”، مضيفا “فبإمكانيات محدودة وعزيمة جبارة قضى على “سياسة الردع” وأسطورة عدم انهزام الجيش الإسرائيلي”، ويرى العلوي أن مثل هذه الأحداث “تتطلب منا موقفا واضحا، إذ أن مواجهة جيش الاحتلال حق مشروع، ولكن قتل الأبرياء واحتجازهم مهما كانت هوياتهم محرم دوليا ومدان أخلاقيا”، مشددا على أن حماس “مطالبة بالإفراج الفوري عن المدنيين”.
هنا يمكن للمغاربة أن يستشفوا من هذه المواقف أن مقاومة الإحتلال ليس جريمة أو إرهاب بل هو بطولة وإقدام إذا تحلى بمبدأ أخلاقيات الحرب والمواجهة، وأن المغرب ملكا وحكومة وشعبا لا ولن يتخلى عن فلسطين والقدس والأقصى مهما كانت الظروف والأحوال، ورغم تكالب وتهافت بعض المنبطحين والمهزومين والذين لم يدرسوا عواقب اصطفافهم مع المحتلين على حساب الشعب المهضوم حقه والمشرد أبناءه، فنقول وبوضوح أننا مع سياسة بلدنا المغرب وقراراته وبلاغاته التي تندد بالإحتلال وتنادي باحترام مبادئ القانون الدولي وتساند الشعب الفلسطيني ولا توافق على أي انتهاك للمواثيق الدولية وعلى ارتكاب المجازر والفظائع والإرهاب في حق المدنيين الأبرياء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
جريدة نبض الوطن
%d مدونون معجبون بهذه: