اختفاء بوتين عند إلقائه موعظة للأمة مستشهدا بالكتاب المقدس
أحمد براو
– حاجة بوتين لبهرجة إعلامية
في حفل باهر بأحد الملاعب الرياضية بموسكو ظهر الرئيس الروسي بوتين وهو يخطب من المنصة وسط تصفيقات وأهازيج وأغاني وطنية، والفرحة بادية على وجوه المتفرجين الحاضرين لهذا الأوبريت الإعلامي والذي يبدو من كيفية إخراجه الإحترافي أن هناك حاجة ما لإظهار تماسك الشعب الروسي بعد القمع الذي تعرض له المناهضين للغزو لأوكرانيا عند بداية الحرب، يظهر على محيى الجماهير والفرق الموسيقية المبالغة في إبداء الفرحة فقط بسبب مناسبة الإحتفال بضم جزيرة القرم، في حين تنهمر القنابل والصواريخ على معظم المدن الأوكرانية لتدمر المباني والطرق بل حتى المستشفيات والمسارح، لتقتل المئات من الأبرياء، الذين كان يعتبرهم القائد المنسلط أنهم جزء من شعب روسيا، وإنه يدافع عنهم من التطهير العرقي الذي ينهتجه النازيين الجدد الذين استولوا على كييف.
– اختفاء القيصر لمدة ربع الساعة
وعندما كان يلقي كلماته الحماسية والعاطفية كما هي عادة الزعماء الدكتاتوريين المتسلطين على الرقاب فجأة اختفى عن الشاشات في خضمّ الخطاب كان يلقيه وبرر الكرملين الحادثة بأنها ناجمة عن عطل تقني.
وكان حينها يشيد ببطولة الجنود الروس المنخرطين في النزاع في أوكرانيا، أمام عشرات آلاف الأشخاص في استاد موسكو ، عندما بدأت قناة “روسيا 24” الروسية الرسمية فجأة عرض مشاهد أخرى من الحدث نفسه وخطابات رسمية وأغانٍ شعبية
وبعد 15 دقيقة، استأنف التلفزيون بثّ خطاب الرئيس الروسي لكن متأخراً، فيما علل المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف بعد ذلك إلى وكالات الأنباء الروسية، أن البث انقطع بسبب “عطل تقني في خادم”.
– خطبة مقتبسة من الإنجيل المقدس
خطاب بوتين للأمة وهو يقتبس من الكتاب المقدس: “ما من محبة أعظم من الجود بالنفس للأصدقاء”. امتلأ الملعب بالناس يصفقون له في ذهول من تصريحاته “الحكيمة”، بعد ان استدعى المتدينين الصوفية من الشيشان والممانعين الشيعة من سوريا وهنا اجتمعت الأحلاف الدينية لمحاربة العدو الأوكراني الهرطقي.
تذكرنا هذه المشاهد التي أظهرها لنا التاريخ مرارا وبقيت تتردد عند الحديث عما آلت إليه الأوضاع بعد ذلك، والتي كانت مآلاته أكثر مأساوية عند وجود أشخاص مثل هذه الكاريزما المندفعة التي لن يوقفها سوى رؤية الدمار والخراب والفساد في الأرض، كيف لا وهي لا تقف إلا عند بداية ونهاية حرب عالمية ثالثة.