العلاقات المغربية الإسبانية بلغت مرحلة جديدة من الثقة والتعاون والبناء، وتعزيز جسور الشراكة”، بهذه العبارات وصف الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى بايتاس، الروابط التي تجمع بين الجارتين، بعد طي صفحة الخلاف الذي دام عدة أشهر.
تصريحات المسؤول المغربي، التي جاءت في أعقاب مجلس الحكومة المنعقد الخميس، وردت في خضم تحضير الرباط ومدريد للاجتماع رفيع المستوى الذي سينعقد يومي 1 و2 فبراير.
ومن المنتظر أن يرافق رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، في زيارته الرسمية لترأس الاجتماع الإسباني المغربي رفيع المستوى، 12 وزيرا.
“مرحلة جديدة”
وحسب مراقبين، فإن زيارة الوفد الإسباني إلى المغرب، “ستكون بمثابة طي لصفحة الخلاف بين المغرب وإسبانيا“، إذ شهدت العلاقات بين البلدين تشنجات دبلوماسية كبيرة بعد استقبال مدريد لزعيم جبهة البوليساريو، للاستشفاء على أراضيها.
ووقع المغرب وإسبانيا، في أبريل الماضي، اتفاقا مشتركا ينهي الأزمة ويمهد الطريق لاستئناف اجتماعات رفيعة المستوى بين البلدين، كانت قد توقفت منذ سنوات.
واستشرافا للمرحلة المقبلة، أكد ملك إسبانيا، فيليبي السادس، الأربعاء، أن الاجتماع رفيع المستوى المقبل بين المغرب وإسبانيا “سيمكّن من تعميق العلاقات الثنائية واسعة النطاق”.
وأضاف: “هذا اللقاء الذي لم يعقد منذ عام 2015، سيتيح تعميق علاقاتنا الثنائية واسعة النطاق، من أجل العمل سويا على أسس أكثر متانة”.
كما أشار الملك فيليبي السادس إلى أن الاجتماع “يأتي في سياق خارطة الطريق المتفق عليها في أبريل الماضي”، وذلك بمناسبة الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، إلى المغرب بدعوة من الملك محمد السادس.
تفاعلا مع الموضوع، اعتبر الباحث بجامعة مدريد المستقلة، محمد الروين، أنه “إلى جانب الملفات التقليدية كالهجرة والتبادل التجاري والإرهاب، هناك ملف التنسيق الأمني وتطويره ليشمل ما هو قضائي، يتجاوز التنسيق بين النيابات العامة والشرطة القضائية”.
وأوضح في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “هذا يتطلب تحقيق توافق في حدوده المتوسطة على مستوى المسطرة الجنائية، كحقوق الدفاع منذ الساعة الأولى للاعتقال، والحراسة النظرية، والاعتقال الاحتياطي والقانون الجنائي كتدقيق بعض المفاهيم، مثل مفهوم الإرهاب الذي يطرح تحديات كبرى على البلدين وعلى العالم، وكذلك تمويل الإرهاب وتبييض الأموال”.
وفي السياق ذاته، أبرز الخبير في العلاقات المغربية الإسبانية، أن “هناك تحدي إعادة النظر في مضامين وبنود اتفاقية التعاون الموقعة بين البلدين بداية التسعينيات، والتي جاءت في سياق مختلف”.
وتابع: “نحن اليوم أمام تحول استراتيجي يرتبط بالاعتراف الإسباني بخطة الحكم الذاتي للصحراء المغربية، وهو تحول كبير في موقف إسبانيا التي كانت في السابق حاضنة للبوليساريو“.
تابع المغرب باهتمام موقف الحكومة الإسبانية الذي غرد خارج سرب البرلمان الأوروبي. واعترف رئيس الحكومة سانشيز، الأسبوع الماضي، بأنه “من الملائم” لمدريد والاتحاد الأوروبي الحفاظ على “أفضل العلاقات” مع المغرب للسيطرة على تدفقات الهجرة.
وقدم سانشيز تحت قبة الكونغرس الإسباني في سياق تفاعله مع أسئلة الأحزاب، “معطيات تدل على أهمية هذه العلاقات الطيبة” قبل لقاء الرباط الأسبوع المقبل بين إسبانيا والمغرب، خلال القمة المشتركة الأولى من نوعها منذ 2015.
في هذا الصدد، أشار الروين، إلى أن النواب الاشتراكيين، دعموا المغرب وصوتوا ضد القرار الذي أدان الرباط حقوقيا، بخلاف حزب بوديموس المعروف بمواقفه التي أتعبت كثيرا حكومة سانشيز، وأحرجتها مع المغرب.
ولفت المحلل إلى أن “أعضاء الحزب الشعبي لم يصوتوا أصلا، بل اصطفوا إلى جانب الحكومة حفاظا على مصالح إسبانيا مع المغرب، وذلك بخلاف الأحزاب المحسوبة على فريق “Renew Europe” داخل البرلمان الأوروبي، سواء الإسبانية أو غيرها”.
التجارة والهجرة
تجدر الإشارة إلى أن المعاملات التجارية بين إسبانيا والمغرب ارتفعت إلى ما يقرب من 10 ملايين يورو، بزيادة 33 في المئة عن العام الماضي، حسب أرقام كشف عنها رئيس الحكومة الإسبانية مؤخرا.
كما أنه في عام 2022، تراجعت تدفقات الهجرة من المغرب نحو إسبانيا، على عكس ما يحدث في طرق الهجرة الأخرى.
وذكر سانشيز أن “الهجرة من المغرب الى إسبانيا تراجعت بنسبة 25.6 في المئة”، موضحا، استنادا إلى بيانات الوكالة الأوروبية “فرونتكس”، حدوث انخفاض بنسبة 21 في المئة في الأندلس، و31 في المئة في جزر الكناري”.
سكاي