تركيز مغربي على توسيع نوافذ الاستثمار والتوظيف
خطط حكومية لزيادة المناطق الصناعية مع استهداف المجالات ذات القيمة المضافة.
الرباط – كشف المسؤولون المغاربة عن إصرار كبير لتحريك عجلات الاقتصاد خلال هذا العام من خلال توجيه بوصلتها إلى محورين أساسيين في مسار التنمية، هما قطاع الاستثمار وسوق العمل.
وناقش برلمانيون قبل أيام مع رئيس الحكومة عزيز أخنوش خلال آخر جلسة شهرية في الدورة الخريفية، تفاصيل السياسات والخطط التي ستتبعها الحكومة لتوسيع نوافذ الاستثمار بعد المصادقة على ميثاق الاستثمار، مع جعل القطاعات محركا للتوظيف.
وأكد أخنوش أمام البرلمان أن الحكومة تعمل على دعم تنمية مناطق الأنشطة الاقتصادية والصناعية بمختلف مناطق البلاد بتخصيص نحو 37.5 مليون درهم (3.7 مليون دولار) لتطوير مناطق صناعية بأقاليم جرادة جرسيف ومراكش.
وأشار إلى أنه تم رصد ميزانية بقيمة 22 مليون درهم (2.2 مليون دولار) لمناطق صناعية قيد الدراسة أو الإنجاز بإقليم جرادة وسطات.
وقال أخنوش إنه “بالنظر للأهمية الكبرى التي تحتلها اللوجستيات في جذب الاستثمار، لاسيما القطاع الصناعي، فقد واصلت الحكومة تفعيل مخطط تطوير المناطق اللوجستية في مختلف جهات المغرب”.
وتعكف الحكومة حاليا على إعداد 8 مخططات توجيهية للمناطق اللوجستية بثماني مناطق، وتمت المصادقة عليها على المستوى المحلي. كما تتجه لتوسيع وتأهيل حوالي 22 منطقة جديدة للتسريع الصناعي، على مساحة تقدر بنحو 1400 هكتار.
وأوضح أخنوش أن الحكومة، ووعيا منها بالدور الذي من المفترض أن يحققه التشارك بين القطاعين العام والخاص، تسعى لملاءمة سياسة الدولة في مجال الاستثمار مع التحولات المؤسساتية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتكنولوجية.
وكشف مسح أجرته صحيفة التايمز البريطانية حول الدول المستقطبة للاستثمار الأجنبي المباشر لعام 2023، أن المغرب يحتل المرتبة الثالثة في الاستثمارات الخارجية المباشرة بعد قطر والهند.
وذكر معدو المسح أن المغرب يتمتع بزخم استثماري قوي بفضل دورة الاقتصاد الكلي، إذ يتوقع صندوق النقد الدولي نموه هذا العام بواقع 3.1 في المئة والتضخم عند 4.1 في المئة، والاهتمام الذي تثيره إمكاناته في مجال الطاقة المتجددة بين المستثمرين تحديدا.
وأكد الخبير الاقتصادي المغربي إدريس الفينة في تصريح لـ”العرب” أن بلده يراهن كثيرا على زيادة الاستثمارات الخاصة والدولية لتسريع التنمية.
وقال الفينة رئيس المركز المستقل للتحليلات الإستراتيجية بالرباط “تأتي المبادرات المتعددة، التي قام بها والمرتبطة أساسا بتحسين مناخ الأعمال ووضع ميثاق جديد للاستثمار مع إصدار مرسوم يحدد المنح المالية لدعم أنواع محددة من الاستثمار في هذا الإطار”.
وأوضح أن الحكومة أجرت إصلاحات على مستوى المراكز الجهوية للاستثمار ووزارة خاصة بالاستثمار، كما تم إنشاء صندوق محمد السادس للاستثمار لتطوير وجذب الاستثمارات للقطاعات الإستراتيجية كالطاقات البديلة والصناعات ذات المحتوى التكنولوجي العالي والصناعات الحربية.
وتعمل الحكومة على تلبية احتياجات الطاقة للشركات، وقد صادقت على مشروع قانون متعلق بالإنتاج الذاتي للطاقة الكهربائية بهدف تطوير الإنتاج اللامركزي للكهرباء، وتحسين القدرة التنافسية لقطاع الكهرباء مع الحرص على تبسيط الإجراءات الإدارية.
ولفت أخنوش خلال الجلسة البرلمانية إلى أن الحكومة تولي “أهمية خاصة لدور الشركات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة والمندمجة”.
ودخلت مقتضيات ميثاق الاستثمار حيز التنفيذ حيث يهدف إلى تحقيق أهداف رئيسية، هي توفير عمل ثابتة، وتقليص الفوارق بين أقاليم البلاد في مجال جذب الاستثمارات، وتوجيه رؤوس الأموال نحو قطاعات الأنشطة ذات الأولوية ومهن المستقبل.
كما يسعى الميثاق إلى تعزيز جاذبية السوق المحلية لجعلها مركزا قاريا ودوليا للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتشجيع وتعويض الواردات بالإنتاج المحلي، وتحقيق التنمية المستدامة وتحسين مناخ الأعمال وتسهيل عملية الاستثمار.
ويسعى الميثاق لرفع حصة الاستثمارات الخاصة لتبلغ 32.76 مليار دولار بحلول 2035، أي بمعدل ثلثي الاستثمار الإجمالي، مع توفير ظروف مواتية ومناخ أعمال ملائم كفيل بجذب اهتمام المستثمرين المغاربة والأجانب.
ووفرت السلطات منصة إلكترونية تمكن المستثمرين من الاطلاع على المعطيات الخاصة بالمناطق الصناعية، والتشريعات القانونية المحفزة والمراكز الجهوية والمركزية والمواكبة للاستثمار.
وكان أخنوش قد قال في كلمة بمنتدى الاقتصاد العالمي في دافوس الشهر الماضي إن بلاده “في ظل عالم متعدد الأقطاب باتت نموذجا إقليميا، بوضع أسس بنية تحتية واعدة تتمثل في توفير طرق برية بطول ألفي كيلومتر إلى جانب خطوط السكك الحديدية والموانئ”.
ووافقت لجنة الاستثمارات بالبرلمان منذ بداية تولي حكومة أخنوش عملها في سبتمبر 2021 على 84 مشروع اتفاقية وملاحق 15 بقيمة استثمارية تبلغ 67.6 مليار درهم (6.7 مليار دولار).
وتقول السلطات إن هذه المشاريع ستساهم في توفير أكثر من 10.2 ألف فرصة عمل مباشرة ونحو 33.4 ألف فرصة أخرى غير مباشرة عندما تبدأ النشاط الفعلي.
32.76 مليار دولار حجم رؤوس الأموال التي تسعى السلطات لجذبها وفق ميثاق الاستثمار بحلول 2035
وتشير إحصائيات رسمية إلى أن المغرب استقبل بنهاية العام 2020 نحو 1.4 مليار دولار كرؤوس أموال أجنبية مباشرة، قياسا بنحو 1.7 مليار دولار في العام الذي سبقة، ونحو 3.4 مليار دولار في عام 2018 وهو مستوى قياسي سجلته البلاد.
واعتبر الفينة أن المغرب يرغب في أن يصبح الاستثمار الخاص المحلي والدولي هو الأساس في الإقلاع الاقتصادي وهذا يتطلب إصلاحات متعددة من أجل الوصول لهذه الغاية.
وقال “لقد خصصت الحكومة 3 مليارات درهم (300 مليون دولار) في ميزانية 2023 كمنح للمستثمرين الجدد ضمن الميثاق الجديد للاستثمار، وهو أمر جد أساسي لجلب رؤوس الأموال الخارجية بما يناهز عشرة مليارات دولار خلال السنة الجارية”.
وبالعودة إلى أرقام تقرير الاستثمارات في العالم الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، فإن الاستثمارات الأجنبية المباشرة سجلت ارتفاعا بنسبة 52 في المئة في المغرب خلال السنة الماضية.
العرب