تونس: اعتداء الشرطة على ناشطة معارضة يعيد الجدل حول عودة الدولة البوليسية… وسياسيون يتهمون الرئيس بتوظيف أجهزة الأمن لاستهداف خصومه
تونس : أثارت حادثة اعتداء عناصر من الشرطة على ناشطة سياسية معارضة موجة استنكار في تونس، في وقت اتهمت فيه المعارضة الرئيس قيس سعيد باستعمال أجهزة الأمن في استهدافها.
وأكد حراك “مواطنون ضد الانقلاب” أن الناشطة شيماء عيسى، عضو الحراك، تعرضت لـ”اعتداء لفظي ومادي من عنصر أمن مسنود من عدد من العناصر المرافقين له”.
وأوضح، في بيان أصدره الثلاثاء، أن عيسى “تعرضت للشتائم بنفس العبارات والنعوت التي يستعملها الرئيس قيس سعيد لتشويه وشيطنة معارضيه، قبل أن تتعرض لاعتداء مادي متمثلاً في توجيه لكمات لها على مستوى الرقبة والصدر، ما يحيل على أن الاعتداء كان بخلفيات سياسية واضحة في سلوك يذكر بممارسات البوليس السياسي النوفمبري (في إشارة إلى نظام بن علي)”.
وأكد الحراك أنه سيلجأ للقضاء لمتابعة الحادثة “التي تمثل سابقة في استهداف الحريات بالبلاد منذ هروب الدكتاتور السابق مطلع سنة 2011″، محملاً الرئيس قيس سعيد ووزير الداخلية، توفيق شرف الدين، “المسؤولية الكاملة عن هذا الاعتداء المقصود منه استهداف المعارضين السياسيين واستباحتهم وتعريض حياتهم للخطر”.
كما حذر من “خطورة المنزلق الذي تشهده البلاد نحو العنف والانتقام الذي يمهد له قيس سعيد بخطاباته التحريضية وتمارسه مجاميع ميليشياوية باسمه قبل أن تتحول إلى ممارسات بوليسية لأعوان محملين على إنفاذ القانون”، مؤكداً أن “توظيف الأجهزة الأمنية والعسكرية في الصراع السياسي هو تأسيس لدولة الخوف والرعب الذي لن يثني المناضلين من أجل قيم الحرية والديمقراطية عن فضح الانقلاب والتصدي له بكل الطرق والوسائل السلمية. وندعو المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية إلى اتخاذ مواقف صارمة تجاه الانحرافات والانتهاكات الخطيرة التي تمس الحقوق والحريات منذ انقلاب 25 يوليو/ تموز”.
فيما كشف نائب رئيس البرلمان المنحل، ماهر المذيوب، عن توجيه رسائل عدة للمفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة واللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان وحركة التضامن التابعة لهيئة الأمم المتحدة والمعهد الوطني الديمقراطي، لإطلاعهم على الحادثة، مؤكداً أن “العنف ضد المرأة في الحياة السياسية ينتهك حق المرأة الإنساني في العيش في حياة خالية من العنف الجنساني في الحياة السياسية والعامة. كما أن القانون الدولي الإنساني ممثلاً في اتفاقية القضاء على العنف ضد المرأة في مادتها 7 تنص صراحة على الحق في مشاركة المرأة والعامة على قدم المساواة”.
ودعا المنظمات المذكورة إلى “إيلاء هذا الاعتداء المشين ضد الناشطة شيماء عيسى الاهتمام اللازم ومخاطبة السلطات التونسية لفتح تحقيق جدي في هذا الاعتداء ومحاسبة الجناة وضمان حرية الحركة والعمل للناشطات والمعارضين السياسيين، وتوفير الحماية اللازمة لهم”.
وكتب محمد الحامدي، نائب رئيس حزب التيار الديمقراطي: “كل التضامن مع الصديقة شيماء عيسى وكل أحرار تونس في مواجهة محاولات إطلاق اليد البوليسية لخنق الأصوات الحرة قوس وسيغلق”. وتساءل رياض الشعيبي، المستشار السياسي لرئيس حركة النهضة: “هل غادر الأمن التونسي حياده؟”، وأجاب بقوله: “ليس جديداً ملاحظتنا انحياز الأمن التونسي وممارسته قوة التعسف ضد معارضي قيس سعيد وسياساته، فمنذ 25 يوليو، تاريخ الانقلاب على الدستور، سجلت عديد المنظمات انتهاكات أمنية فظيعة في حق مواطنين وشخصيات سياسية عامة أعلنت معارضتها لهذا الانقلاب”.
واستعرض بعض الانتهاكات منة قبل قوات الأمن ضد التونسيين بقوله: “تجمع المئات من قوات الأمن أمام مقر البرلمان، على امتداد العشرة أشهر الأخيرة، لمنع أعضائه من الدخول إليه في تجاوز صارخ للقانون واستجابة لتعليمات غير دستورية وفي انحياز مفضوح لسلطة الانقلاب. وهم ما زالوا إلى اليوم يحاصرون مجلس النواب في استمرار لحالة الخروج على القانون.
واختطاف العشرات من النواب والمسؤولين السابقين والصحافيين والناشطين ووضعهم قيد الإقامة الجبرية ومنعهم من السفر وإخفاء البعض منهم قسرياً وتعريض حياتهم للخطر وانتهاك حقوقهم المضمونة دستورياً. وقمع التحركات الاجتماعية (عقارب) والوقفات السياسية الاحتجاجية، ما تسبب في وفيات مشبوهة واستشهاد رضا بوزيان وحالات تعذيب وتجاوز للسلطة وادعاء بالباطل ضد المتظاهرين ومحاكمة العديد منهم”.
وأضاف: “هذا استعراض إجمالي لما دونته عديد التقارير وفصلت القول فيه، أما حادثة اليوم فتمثل تحولاً نوعياً في القمع البوليسي الذي يستهدف النشطاء والمناضلين يذكرنا بممارسات قمعية مارسها النظام السابق ضد نساء ورجال خلنا أنها لن تعود مرة أخرى. فلماذا يعود الأمن التونسي لممارسات بوليسية خلت وخلنا اننا قطعنا معها؟”.
وتابع بالقول: “لا يخلو الأمر من أحد هذه الأسباب إن لم تكن مجتمعة: القابلية للاستجابة للتعليمات الصادرة عن وزير الداخلية ورئيسه بسبب من ضعف الثقافة القانونية لهذا القطاع وضعف تكوينه وهشاشة وضعه النفسي والاجتماعي.
والعقيدة الأمنية للبوليس التونسي لم تتغير عنها أثناء فترة الاستبداد، ما يجعل من المواطن مستهدفاً من تجاوزات أمنية فظيعة تحت عناوين المحافظة على النظام العام وفرض القانون. وبعض الأمنيين ليسوا إلا طابوراً خامساً لمجموعات سياسية استئصالية بعضها اليوم في رأس السلطة وبعضها الآخر في مفاصل الدولة والمجتمع. لذلك يستهدفون تياراً سياسياً تحررياً وديمقراطياً واسعاً داخل الساحة السياسية”.
«القدس العربي»