
دستور الجالية المغربية المهمشة
ذ. أحمد براو
يمثل تنزيل القوانين التنظيمية للفصول الدستورية 16، 17، 18، 30 و 163، اختبارا حقيقيا لمضامين خطاب ملك البلاد في ذكرى ثورة 20 غشت الأخيرة التي عرت كل العيوب المتعلقة بتفعيل وتنزيل الدستور المغربي من لدن السياسيين المغاربة، وغياب الإرادة الحقيقية لصون مكتسبات فئة جد مهمة من الشعب المغربي التي تُنتهك حقوقها الخاصة بالمواطنة الكاملة في وضح النهار وعلى مرأى ومسمع من العالم !!! الجالية المحرومة من حق الترشح والتصويت، والتمثيل في مجلس النواب والمستشارين، وفي كل المؤسسات الدستورية والإستشارية المنتخبة، المحلية منها والجهوية والوطنية والدولية، وللأسف منذ سنة 2005 هناك مشكل التمثيل لمغاربة العالم المحرومين من ممثليهم الحقيقيين في كل مؤسسات الدولة المغربية السياسية والاقتصادية والإعلامية، على سبيل المثال كل الفئات الإجتماعية مممثلة في مجلس المستشارين إلا مغاربة العالم الذين يتساءلون لماذا هذا التهميش والإقصاء المتعمد؟
– الفصول الدستورية التي غالبا ما تلوكها الألسن بدون فائدة
الدستور الجديد الذي صوت عليه المغاربة يوم فاتح يوليوز 2011، عقب ثورة 20 فبراير وفي عز الربيع العربي الذي كاد يعصف بالمغرب، يتضمن في طياته خمسة فصول لها علاقة بالهجرة وبالجالية المغربية بالخارج على وجه خاص، وفيما يلي نصوص الفصول الخمسة:
الفصل 16
تعمل المملكة المغربية على حماية الحقوق والمصالح المشروعة للمواطنات والمواطنين المغاربة المقيمين في الخارج، في إطار احترام القانون الدولي، والقوانين الجاري بها العمل في بلدان الاستقبال. كما تحرص على الحفاظ على الوشائج الإنسانية معهم، ولاسيما الثقافية منها، وتعمل على تنميتها وصيانة هويتهم الوطنية.
تسهر الدولة على تقوية مساهمتهم في تنمية وطنهم المغرب، وكذا على تمتين أواصر الصداقة والتعاون مع حكومات ومجتمعات البلدان المقيمين بها أو التي يعتبرون من مواطنيها.
الفصل 17
يتمتع المغاربة المقيمون في الخارج بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات. ويمكنهم تقديم ترشيحاتهم للانتخابات على مستوى اللوائح والدوائر الانتخابية، المحلية والجهوية والوطنية. ويحدد القانون المعايير الخاصة بالأهلية للانتخاب وحالات التنافي. كما يحدد شروط وكيفيات الممارسة الفعلية لحق التصويت وحق الترشيح، انطلاقا من بلدان الإقامة.
الفصل 18
تعمل السلطات العمومية على ضمان أوسع مشاركة ممكنة للمغاربة المقيمين في الخارج، في المؤسسات الاستشارية، وهيئات الحكامة الجيدة، التي يحدثها الدستور أو القانون.
الفصل 30
لكل مواطن أو مواطنة، الحق في التصويت، وفي الترشح للانتخابات، شرط بلوغ سن الرشد القانونية، والتمتع بالحقوق المدنية والسياسية. وينص القانون على مقتضيات من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية.
التصويت حق شخصي وواجب وطني. يتمتع الأجانب بالحريات الأساسية المعترف بها للمواطنين. والمواطنات المغاربة، وفق القانون.
ويمكن للأجانب المقيمين بالمغرب المشاركة في الانتخابات المحلية، بمقتضى القانون أو تطبيقا لاتفاقيات دولية أو ممارسات المعاملة بالمثل. يحدد القانون شروط تسليم الأشخاص المتابعين أو المدانين لدول أجنبية، وكذا شروط منح حق اللجوء.
الفصل 163
يتولى مجلس الجالية المغربية بالخارج، على الخصوص، إبداء آرائه حول توجهات السياسات العمومية التي تمكن المغاربة المقيمين بالخارج من تأمين الحفاظ على علاقات متينة مع هويتهم المغربية، وضمان حقوقهم وصيانة مصالحهم، وكذا المساهمة في التنمية البشرية والمستدامة في وطنهم المغرب وتقدمه.
– ما السبب ومن هو المسبب في هذا التهميش؟
بكل تأكيد، فإن هناك أسباب حقيقية في عدم تمتع مغاربة العالم من حقوقهم الدستورية، وقد كثرت المطالبات وتعددت الأعذار لكن تبقى الحقيقة أن هناك من يعرقل هذه الخطوات التي تبدأ وتتعثر ولا تعرف الخروج للوجود، وبالتأكيد له اليد الطولى داخل منظومة الحكم في البلاد، عن طريق التوصيات والتقارير والتوجيهات والدراسات التي تقام داخل البعثات من طرف المستشارين والأمنيين الذين يلعبون دورا كبيرا في عدم حصول الجالية المغربية المقيمة بالخارج على حقوق المواطنة الكاملة.
بالطبع هناك مسؤولون عن شؤون الجالية على رأس مؤسسات عمومية المكلفة بقضاياهم وقد حصلوا على هذه المناصب بسبب تزكيتهم للأسف من طرف هؤلاء المستشارين والأمنيين وليس بسبب كفاءتهم وخبرتهم الطويلة في ملف الهجرة إلا من الله أو تمّ تدجينه وقوْلبته.
– المطلوب من النخبة تحمل المسؤولية
لهذا من الواجب على الشرفاء من الفاعلين الجمعويين والسياسيين والحقوقيين والإعلاميين الأحرار أن ينبهوا مغاربة العالم إلى هذا الأمر الذي يهم كل المواطنين المقيمين بالخارج المهضومي الحقوق، والذين يعانون من الظلم والتهميش والإبتزاز واللامبالاة من أغلب المؤسسات المغربية، وخير مثال على ذلك حذف وزارة الجالية من حقائب الحكومة الحالية وإدماجها مع وزارة الخارجية والتعاون كملحقة ثانوية يديرها كاتب عام لا يُعلَم مدى كفاءته وتجربته ومهنيته.
كما يجب على هذه النخبة من المؤثرين والنشطاء الإجتماعيين والسياسيين والإعلاميين المغاربة المقيمين بالخارج التنبة لمن يدكّ أسافين التفرقة بينهم ويجهض كل محاولة لمّ الشمل والتنسيق والتعاون، وعليهم ترك المراء والتنابز وكيل الإتهامات ونشر الفضائح بينهم على مواقع التواصل الإجتماعي، بل عليهم أن يساعدوا بعضهم البعض ولو أنهم مختلفين سياسيا وإديولوجيا وتوجهات عامة، حتى يحصلوا على كامل حقوقهم الدستورية وبعد ذلك هناك مجال للتنافس الشريف باحترام وديمقراطية.
لأن هذا التطاحن والسب والشتم والقذف والتشهير على المواقع والمنصات المفتوحة لا يحل مشاكل الجالية بل يزيدها تفاهة وإلهاءً عن المشاريع الكبرى والمتطلبات العديدة، والمعاناة التي يعانيها المهاجر المغربي، بل يستفيد منه كل من يساهم ويخطط ويعمل على تفكيك أي منظومة مثقفة من مغاربة المهجر سواء أكانت هيأة جمعوية أو حقوقية أو إعلامية أو سياسية.