منوعات

زكريا أبو خلال الداعية الهداف على خطى مسعود أوزيل وعمر كانوتيه وأبوتريكة

 

ذ.أحمد براو*

لا تناقض بين عالم كرة القدم والتدين

عرف تاريخ الكرة المستديرة عدة لاعبين كانوا يتميزون بتدينهم ولايتهاونون في تعاليمه وأحكامه بل ويعلنون ذلك على الملأ ويقفون مع القضايا الكبرى التي تهم الأمة الإسلامية، وبالرغم من احترافهم لعبة كرة القدم وانخراطهم في كواليس هذه اللعبة التي أريد لها أن تتكيف مع البذخ والشهرة والمال والاستثمار واللهو والعبث الذي يغري معظم الشباب، ومن هؤلاء اللاعبين النجم المالي فريدريك عمر كانوتيه الذي لعب لنادي إشبيلية وبدأ الالتزام بالتعاليم الإسلامية منذ كان يبلغ من العمر 20 سنة، نتيجة لذلك رفض لبس قميص النادي الأندلسي الذي عليه اسم راعي القميص شركة 888 com وهي شركة مراهنات محرمة في الدين الإسلامي . ولذلك قررت إدارة نادي أشبيلية السماح لكانوتي بلبس القميص من دون وجود اسم الراعي، لكنه كان مجبرا على استعمال طقم الراعي كما ينص عقده، مما حدا بشركة المراهنات بالتبرع لصالح جمعية خيرية إسلامية.
وكذلك اللاعب الفذ الألماني المنشأ والتركي الأصل مسعود أوزيل صانع ألعاب ريال مدريد الإسباني وارسنال الإنجليزي والذي دفعته غيرته الدينية عن معاناة مسلمي الإيغور لإثارة مشاكل بين النادي اللندني والحكومة الصينية، كما تعرض للعقوبات والتهميش سواء في إنجلترا أو ألمانيا التي لم يشفع له اللعب لمنتخبها بحيث تعرض للعنصرية والتنمر حسب قوله، كل ذلك بسبب مناصرته للقضايا العادلة للأقليات المسلمة المضطهدة، وساهم بثروته الكبيرة في بناء وتشييد عدة مراكز ومباني خدمية للمسلمين حول العالم.
من اللاعبين العرب الذي اشتهر بتدينه وغيرته على القيم الإسلامية والمبادئ الإنسانية والقضايا العادلة يتبادر للذهن اللاعب المصري محمد أبو تريكة الملقب بالماجيكو الذي سحر قلوب العرب والمصريين بدماثة خلقه وتواضعه وحرصه في كل مناسبة على التنديد بما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة ونصرة قضايا الشعوب العربية إبان ثورات الربيع العربي بسبب الحروب والقمع والتنكيل من الأنظمة الحاكمة ما جعله منبوذا من طرف النظام المصري وإعلامه الذي وصفه وحاكمه غيابيا بالخيانة والإرهاب وصادر أمواله وممتلكاته ولم يسمح له بزيارة بلده مصر الذي ترعرع فيه وأحبه كثيرا وساهم في نهضته الرياضية.
هذه بعض النماذج الشهيرة للعديد من اللاعبين والرياضيين في مجال كرة القدم الذين اختاروا السباحة عكس التيار والجمع بين الشهرة والالتزام بالدين الإسلامي والمحافظة على الهوية الثقافية ومناصرة قضايا الأمة وتقاسم همومها والعمل على التخفيف من آلامها عبر مشاريع وأكثر من ذلك الترافع على أعلى مستوى بطرق ذكيه ومبدعة لإظهار الوجه المشرق للدين الإسلامي عكس ما يروج له الإعلام الدولي المغرض إزاء ما يمت للإسلام بصلة.
وهناك أيضا بعض الدعاة الذين تركوا كرة القدم كليا وانخرطوا في المجال الدعوي وعملوا على تبليغ الرسالة وتأدية الأمانة امثتالا للآية الكريمة “ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون” ومن أشهرهم الداعية الإماراتي محمد الملا الذي كان يلعب للمنتخب الإماراتي ويحكي أنه لما كان في رحلة بالطائرة مع مدرب الفريق وهو برازيلي الأصل تجاذب معه أطراف الحديث وقال له كيف تكون المباراة صحيحة وهي في ملعب بدون شباك وبدون أهداف؟ وكذلك وجودنا نحن في هذه الدنيا، فتفاجئ المدرب من طريقة دعوته وأعلن إسلامه وهو داخل الطائرة. وأصبح الشيخ الداعية محمد الملا من أكبر مشايخ الدعوة في الخليج العربي وخارجه وله محبين كثر من مسلمي أوروبا يستمعون لمحاضراته الشيقة وبياناته المؤثرة كانت سببا في هداية العديد من المهاجرين العرب في أوروبا خلال هذين العقدين.

– ثقافة كروية بعيدة عن الأخلاق

وفيما اتجه أغلب الشباب الممارسين لكرة القدم إلى التشبه بالأبطال والمشاهير من أمثال ميسي ورونالدو وغيرهما، والعمل على تتبع كل ما يروج له اللاعبين الكبار من بذخ وسهرات وحفلات وسيارات فارهة وفيلات وممتلكات وتعاطيهم للخمور والمراقص والمخدرات وكثرة الخليلات وكذلك تغطية أجسادهم بالأوشام والألبسة الفاضحة، أصبحت هذه الصرخات والموضات هي الماركات المسجلة لكل لاعب يريد أن يصل إلى قمة الشهرة والمال، وانتقلت العدوى للأطفال في معظم الدول والقارات من بينها الدول الإسلامية، ولا يشك أحد على أن هناك سياسة خفية وراء هذه الثقافة الكروية التي يمتزج فيها الربح المالي والإغتناء وترويج المواد والسلع الاستهلاكية ضاربين عرض الحائط كل القيم والمبادئ النبيلة التي من أجلها أحدثت الرياضة عامة وكرة القدم خاصة. بل وأضحت منابر لتمرير بعض الطابوهات التي كانت تعتبر لوقت قريب من الفواحش واللعنات في الدول الإسلامية كالشواذ والسحاق وبيع الخمور وتناولها أثناء المباريات بل أرادوا فرضها حتى على من يحرمها دينه وخلقه ومروؤته كما فعلوا مؤخرا في بطولة كأس العالم بقطر.

– المنتخب المغربي يرد الإعتبار لكرة قدم نظيفة

الملاحظ أيضا أنه هناك بالمقابل ردة فعل غير متوقعة من جانب بعض الشباب العربي المسلم الذي يعيش في الغرب بحيث تربى وترعرع داخل تلك المجتمعات المنحلة أخلاقيا ودينيا ولكنه اكتشف مبادئ دينه وثقافة بلده الأم سواء عبر التربية التي تربى عليها داخل بيته من طرف والديه المحافظين أو عبر ارتياده للمساجد والمراكز الإسلامية الموجودة في دول الأقامة وهنا تكتسب تلك المراكز الدور المحوري لتربية سلوكيات الأطفال والشباب وتلقينهم مبادئ دينهم وقرءانهم ولغتهم العربية وثقافة أوطانهم الأصلية من احترام الوالدين وتربية الأبناء تربية حسنة وربطها بمعتقداتهم ورفض كل ما يخالف التعاليم الإسلامية، ولعل الوجه المشرق الذي ظهر به الفريق الوطني لمنتخب المغرب الذي أدى أحسن أداء في تاريخ المشاركات العربية والإفريقية والأكثر من ذلك تلك الروح المعنوية، وسجودهم شكرا لله عقب المباريات، والإيمان بقدراتهم ونزع عقدة الدونية، والمقارعة مع أعتى المنتخبات العالمية الند للند، كما كسب تعاطف وود أغلب المشجعين ليس فقط في قطر التي نظمت البطولة بنجاح، بل أيضا في جميع أنحاء العالم وكسب احترام الشعوب وأصبح المغربي يفتخر بكونه ينتمي لهذا البلد الجميل.

– زكريا أبو خلال كسب قلوب المغاربة

استطاع أحد الشباب من المنتخب المغربي لفت الإنتباه بسبب تعلقه بالدين ودعوته لأصدقاء وتمرير رسائل دعوية وظهوره وهو يتلو القرآن ويؤم المصلين ويخطب الجمعة أمام أفراد المنتخب وانهالت عليه العديد من التعاليق التي استحسنت التزامه وتعلقه بالدين والدعوة إليه، وهو اللاعب زكريا أبو خلال الليبي الأب، المغربي الأم والهولندي الميلاد والمنشأ بحيث مزج ثلاث ثقافات وأعطته حلة شاب داعية متميز الأخلاق وماهر في مداعبة الكرة وتعرفه الشباك جيدا، هذا هو النموذج الذي استطاع وهو في مقتبل العمل أن يبصم عليه ليكون مثالا يحتذى به للشباب المغاربة والليبيين والعرب والمسلمين أبناء المهاجرين.
لكن للأسف خرجت أحد المنابر الإعلامية العلمانية التي هاجمته واتهمته بنشر السلفية بين طاقم البعثة المغربية ولم تتوانى تلك الجريدة الإلكترونية بدك أسفين العداوة مع كل ما هو دين وخلق، مروّجة أخبارا كاذبة عن فكر اللاعب زكريا وتوجيه الإتهام له بالتطرف والدعوة للتزمت ونشر أفكار مشرقية غريبة عن التدين المغربي المعتدل، حسب قولها وهنا تعبأ المغاربة ضد هذه الجريدة التي حادث عن الصواب وجاء الرد من الجامعة الملكية المغربية تفند ادعاءاتها وتدعوها للتراجع عن هذا الإتهام، وفعلا تراجعت واعتذرت وحذفت المقال المشؤوم، بعد ذلك أصدر القصر الملكي بيانا موقّعا من طرف صاحب الجلالة عبارة عن تهنئة وترضية وشكر وتقدير لهذا اللاعب الشاب والداعية الرياضي الذي نال شرف استقباله وتوشيحه بوسام ضابط من طرف جلالة الملك محمد السادس.

*كاتب صحفي مغربي مقيم بإيطاليا

عن إيطاليا تلغراف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
جريدة نبض الوطن