ثقافة و فنون

كيف تحافظ على حسناتك ووزنِك …

للصائم فرحتان، ذُكرتا في الحديث الشريف، فهو يفرحُ بفطره ويفرح يوم لقاء ربِّه.
إضافة إلى الحسنات الكثيرة التي يمكن كسبها من خلال الممارسات الحياتية اليومية البسيطة وغير المكلفة، مثل حفظ حق الجار وإفشاء السّلام والابتسامة في وجه أخيك، وصلة الرَّحم بالذات مع من قطعها، إضافة لكل هذا، هناك فرحة تخسيس الوزن، وهو امتحان ينجح فيه كثيرون حتى اليوم الأخير من رمضان، ولكنهم يرسبون في الامتحان النهائي خلال أيام العيد، وتضيع جهودهم هباء.
السَّعيد من يحقق الهدفين، الدنيا والآخرة، فمن جهة يكسب أجر طاعة الله، والثاني هو الجانب الصحي المتمثل في تخسيس الوزن، خصوصًا لأولئك الذين يعانون من زيادة فيه.
من حق المؤمن أن يفرح بتخسيس وزنه، ولياقته البدنية، ولكن أكثر من يصومون على نيِّة التخسيس يستردّون ما خسروه، لأن النية كانت لأجل التخسيس فقط.
هناك من يجمع الحسنات الكثيرة، ثم يبدِّدُها بتصرفاته أو ردود فعله على تصرفات الآخرين، وقد تنتقل حسناته إلى صالح حساب آخر بسبب إيذاء شخص ما!
لعل الشوارع والتصرُّف خلال قيادة السَّيارة، وما يلقاه الناس والسائقون بشكل خاص، هو أحد أهم أسباب خسارة الحسنات أو ربحها المباشر أو دخولها إلى حسابنا دون أن ندري من أين، كأنها منحة غير متوقعة، إلا أن حركة السير تعتبر نزيفاً مزمناً لمواردنا من الحسنات، مثل الديون الكبيرة التي تستهلك الراتب، وهذا يحدث في إربد في الأردن كما في الناصرة ونابلس وغيرها، وأعتقد في معظم المدن والبلدات العربية، وباعتقادي أن أسوأهم أخلاقاً في تصرفهم على الطرق هم الفلسطينيون في مناطق 48، للأسف الشَّديد، فقد اكتسبوا وقاحات كثيرة غريبة، فبات الشارع ميداناً للتحدِّيات بين السائقين! أو بين السائقين المزعجين بقصد وسبق إصرار والأهالي!
الوضع ليس سهلاً في الأردن، وإن كان أفضل من وضع عرب 48، وتقول إحصائية افتراضية ساخرة نشرت على صفحة «نهفات أردنية»، إنَّ الأردني يخسر 70% من حسناته خلال قيادته لسيَّارته»، وبتقديري أن عرب 48 يخسرون 100% من حسناتهم على الشوارع ويدخلون في السَّحب الزائد. الانسدادات المرورية تؤدي إلى ردود فعل متسرعة وإلى خسائر فادحة بالحسنات، وقد تؤدي إلى أضرار وخسائر جسدية ومادية.
قد تكون شتائم مضمرة لا يسمعها السائق الآخر، أو لا يريد سماعها، أو عبارات غاضبة تشعل الأجواء وتضرم الأحقاد، وهذه تنذر بعواقب وخيمة،
قد تنحدر إلى درجة الاشتباك بالأيدي وما يتيسر من عتاد موجود في السيارة.
تحظى النساء ممن يقُدن السيارات بنظرات تشكّك في قدراتهن على الخروج من مآزق حركة السير!
علماً أن الرجال وخصوصاً الشباب منهم، يجدون صعوبة كبيرة في التنازل للسائق الآخر، ويعتبرونه ضعفاً أو خضوعاً، وتتحول القضية من مشكلة سير عادية إلى عاكس لامتدادات نفسية عميقة من الشعور بالنقص إلى أوهام العظمة، وأكثرها تياسة وغباء عادي.
على الحكومات في كل بلد عربي تقع مسؤولية التخطيط وتنفيذ برامج جدِّية تثقيفية وتوعوية وبنى تحتية، لوقف نزيف حسنات العرب على الشوارع!
لسنا ملائكة، ومن حقنا أن نغضب أحياناً، ولكن فليكن غضبنا على أمور تستحق الغضب، مثلاً ما أظهرته الجماهير العربية وخصوصاً في الأردن على أحداث المسجد الأقصى واقتحاماته من قبل مستوطنين، ومؤخّراً دعوة السّفير الإسرائيلي السّابق في مصر يتسحاق ليبانون حكومة بلاده إلى تهديد الملك عبد الله بالإعلان بأن الأردن هو فلسطين! يعني يهدِّد بمحو دولة ونظامها، وسرقة أرضها!
من حق كل أردني وعربي أن يغضب للقدس ولأجل شعب فلسطين، ومن حقه أن يغضب من هذه التصريحات، ولن يخسر أي حسنة، بل سيعزّز حسناته!
يتسحاق ليبانون يمتدح السّلام مع الأردن والعلاقة بين البلدين، ولكنه يعتبر السَّلام مكرمة إسرائيلية سامية للملك، تحفظ له عرشه، ويعتبر أن الملك عبد الله تجاوز حدوده، بتصريحه أن إسرائيل تحاول تقسيم المسجد زمنياً ومكانياً وتغيير الوضع الراهن، ثم يصف تعبير «تدنيس المقدسات» وتأييد رماة الحجارة الفلسطينيين التي جاءت على لسان رئيس الوزراء بشر الخصاونة، بأنها تطرّف وبث للكراهية والأحقاد! وهو موقف قد يندم الملك الأردني عليه! ويجب استدعاء السفير الأردني للتوبيخ! يا سلام…
يقال في علم النفس إن الهفوات تظهر حقيقة ما يخفيه المرء، ولكن حقيقة هذا التفكير الاستعلائي المريض ليست خافية على أحد، وما صرح به ليبانون ليس هفوة، بل هو حقيقة الموقف من الحل الذي يراه أكثرُ السِّياسيين من ذوي التأثير في إسرائيل، وهو ما يمارَس على أرض الواقع، فضمُّ الضفة الغربية والتنافس بين الأحزاب على الاستيطان فيها، بدأ منذ احتلالها بقيادة حزب العمل عام 1967 ولم يتوقف يوماً منذ بدأ، أما كون الأردن هو فلسطين فهو هدف حقيقي وليس وَهماً، ويحظى بتأييد أكثرية ممثلي الشعب الإسرائيلي ومن مختلف الأحزاب، ويقال إن إسرائيليين اشتروا حتى الآن مساحات كبيرة من الأراضي الأردنية، يمكن ربطها بهذا التفكير الاستراتيجي للحل!
الردّ الغاضب على هذه العجرفة لا يفسد الحسنات! والعكس صحيح، فهو يعزِّزها لأنه رد على التكبُّر والعربدة.
أما بالنسبة للوزن والحفاظ على ما أنجزه البعض من تخسيس خلال شهر الصيام، فالنصيحة الذهبية الأولى هي الانتباه من كعكة التمر التي ظاهرها الطّيبة والسَّذاجة والطّعم المغري الناعم، فهي تحوي ما معدله 130 سعراً حرارياً، وهو أكثر من ضعف ما تحويه برتقالتان متوسطتا الحجم، وكل واحدة منها تحتاج إلى 2700 خطوة لحرقها، علماً أن هناك من يتناول عدداً منها ولا يمشي في يومه أكثر من سلحفاة في يوم ماطر، فيستعيد ما خسره من وزنه في اليوم الثالث من أيام العيد، لهذا لا بد من الانتباه، أوَّلاً في الشوارع كي لا نخسر ما نجمعه من حسنات، وثانياً أن نغضب حيث يستحق الأمر الغضب، وثالثاً الانتباه من الكعك بعجوة أو بالجوز في قضية تخسيس الوزن، وكل عام والجميع بخير.

 سهيل كيوان
القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: