أخبار دولية

لافروف يزيد الضغوط على الجزائر: ما زلنا شركاء

تصريحات لافروف قد أخرجت القلق الروسي من الجزائر إلى العلن، وخاصة في ما يتعلق بمساعي جزائرية للاستفادة من أزمة الغاز مع أوروبا.

الجزائر – زاد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الأربعاء في حجم الضغوط على الجزائر من خلال تذكيره بالشراكة التي تربط بلاده بالجزائر في مجال الطاقة، في الوقت الذي تحاول فيه الجزائر النأي بنفسها عن موسكو والإيحاء بأن علاقتهما تتسم بالفتور، في مسعى لاسترضاء الغرب، وخاصة الولايات المتحدة التي تضغط من أجل موقف جزائري واضح.

وقال لافروف إن روسيا والجزائر شريكتان في مجال الطاقة ليس في إطار أوبك+ فحسب بل في منتدى الدول المصدرة للغاز أيضا.

وأراد وزير الخارجية الروسي تذكير الجزائر بأنها لا تستطيع، ولو من باب المناورة وتلافي الضغوط الغربية، أن تنكر الشراكة المتينة مع موسكو، أو تسعى للتراجع عن اتفاقيات وصفقات أبرمتها في السابق.

ويعتقد مراقبون أن تصريحات لافروف بشأن متانة العلاقة مع الجزائر قد أخرجت القلق الروسي من تغير الموقف الجزائري إلى العلن، وخاصة القلق من سعي الجزائر للاستفادة من أزمة الغاز مع أوروبا للاستحواذ على الحصة الروسية في السوق الأوروبية وخلق حلول للغرب بهدف خنق روسيا.

قلق روسي من الاتفاقيات الأخيرة بين الجزائر وإيطاليا، والتي كانت أبرزها اتفاقية بشأن بناء خط أنابيب غاز لمضاعفة الإنتاج الجزائري نحو إيطاليا وأوروبا عموما

وذكّر لافروف المسؤولين الجزائريين بأن بلادهم عضو في أوبك، وفي منتدى الدول المصدرة للغاز، وهو ما يعني ضرورة الالتزام بالتوجهات التي تفرضها المنظمتان، وأن هناك التزاما أخلاقيا على الجزائر أن تفي به طالما هي عضو في المنظمتين، ومن أبرز عناصر هذا الالتزام مراعاة الحصص المحددة في السوق وعدم الالتفاف عليها أو السعي للسطو على حصص الدول الأخرى.

وأكد لافروف، في تصريح لموقع “آر تي العربية”، أنه منذ فترة قريبة اتخذت أوبك+ قرارا يؤكد على النهج الموحد والمنسق لجميع المشاركين في هذه المنظمة تجاه تسوية سوق النفط والمنتوجات النفطية بشكل تستند فيه هذه السوق إلى الحفاظ على توازن مصالح المنتجين والمستهلكين.

ويبدو أن روسيا قد انزعجت من الاتفاقيات الأخيرة بين الجزائر وإيطاليا، والتي كانت أبرزها اتفاقية بشأن بناء خط أنابيب غاز جديد سيمكن من مضاعفة الإنتاج الجزائري نحو إيطاليا، وأن الأمر قد لا يقف عند الاستحواذ على الحصة التي كانت تحصل عليها روما من موسكو، وربما يتعدى ذلك إلى تمكين دول أوروبية أخرى من الغاز، ليصبح الموقف الجزائري أقرب إلى الحرب الاقتصادية على روسيا بالتزامن مع حرب العقوبات الغربية عليها.

وتسعى الجزائر لإقناع الغرب بأنها ماضية في تخفيف تعاملاتها مع موسكو، لكن في الوقت نفسه تحاول إقناع الروس بأنها في صفهم، وهذا التناقض لا تقبل به موسكو كما لن يقبل به الغرب، وخاصة واشنطن التي تلوح في وجه النظام الجزائري بقانون “مكافحة أعداء أميركا عن طريق العقوبات” (كاتسا) الذي أقره الكونغرس في عام 2017.

وبعد اتهامات أميركية للجزائر بأنها ستمول حرب روسيا في أوكرانيا في حال مضت في إنجاز صفقة عسكرية مع روسيا بقيمة 7 مليارات دولار، بدأ المسؤولون الجزائريون البحث عن مخارج لهذه الأزمة. وكانت أولى الخطوات إلغاء مناورة عسكرية مشتركة كانت مبرمجة خلال شهر نوفمبر الماضي.

ولاحقا تم تأجيل زيارة كان من المقرر أن يقوم بها الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى موسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورغم أنه لم يتم الكشف عن خلفيات التأجيل، إلا أن المراقبين يعتبرون أن الهدف هو تجنب الصدام مع واشنطن حتى لو أدى الأمر إلى إغضاب موسكو.

وقال بيان للرئاسة الجزائرية الثلاثاء إن “الرئيسين تبون وبوتين أجريا مكالمة هاتفية، تناولا من خلالها العلاقات الثنائية التي تربط البلدين، ولاسيّما آفاق التعاون في مجال الطاقة”.

وأضاف البيان أن الرئيسين تطرقا بالمناسبة إلى الاجتماع المرتقب للجنة المختلطة الكبرى الجزائرية – الروسية، كما اتفقا أيضا على زيارة الدولة التي سيؤديها رئيس الجمهورية إلى روسيا الاتحادية في شهر مايو المقبل.

ويبدو أنه بتحديد موعد جديد للزيارة خلال شهر مايو المقبل، أراد تبون إرسال رسالة طمأنة إلى الروس، بشأن التمسك بالعلاقات التاريخية والإستراتيجية القائمة بين البلدين، وعدم تأثرها بما يتردد حول الضغوط الغربية على الجزائر، من أجل تحييدها عن المعسكر الروسي، بسبب الصراع القائم حاليا في أوكرانيا.

وتأتي تصريحات وزير الخارجية الروسي في سياق تحرك مضاد لكسر الحصار الذي يحاول الغرب فرضه على روسيا في أفريقيا، من خلال إثارة قضية فاغنر.

وتوجه النقد الروسي بصفة خاصة لفرنسا التي بررت انسحابها من مالي وبوركينا فاسو بتزايد النفوذ الروسي هناك تحت مظلة مجموعة المرتزقة الروس فاغنر.

وانتقدت وزارة الخارجية الروسية الأربعاء استمرار ما اعتبرته “معاملة فرنسا للدول الأفريقية من وجهة نظر ماضيها الاستعماري”.

وقالت متحدثة الخارجية ماريا زاخاروفا “كل دولة أفريقية وفقا لمصالحها وأوضاعها وفرصها، تتحدث لصالح تطوير علاقاتها مع أي دولة في العالم”. وأضافت “إذا رأت الدول الأفريقية أنه من الضروري تطوير العلاقات مع روسيا، فإن ذلك لا علاقة له بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وقصر الإليزيه وفرنسا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
جريدة نبض الوطن
%d مدونون معجبون بهذه: