إقتصاد

مخاوف عالمية متزايدة.. ما مخاطر الركود الاقتصادي على الخليج؟

ما أبرز التحذيرات الأخيرة؟

تصريح أمير قطر حيث حذر من إمكانية حدوث ركود تضخمي في العالم.

ماذا عن المخاوف الدولية؟

تصريحات أمريكية بحدوث ركود بسبب التطورات التي يشهدها العالم.

ما الذي أثر مؤخراً على الاقتصاد العالمي؟

أزمة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية.

على وقع ارتفاع التضخم وزيادة أسعار الفائدة وسلاسل التوريد، أصبح هاجس “الركود” مصدراً للقلق في كثير من دول العالم، ومن بينها دول الخليج.

وبرزت المخاوف في تصريحات مختلفة؛ فبينما حذر أمير قطر من تقلص حجم الاقتصاد العالمي خلال 2022، تقول الولايات المتحدة إن الركود الاقتصادي غير مستبعد، فيما يقول البنك الدولي إن بعض الدول سيكون من الصعب عليها تجنب الركود.

ورغم عدم وجود تعريف محدد للركود الاقتصادي فإنه يعبر عن فترة تشهد انخفاضاً في النشاط الاقتصادي والذي قد يستمر أكثر من بضعة أشهر، وينطبق حالياً على تراجع النشاط الاقتصادي منذ عام 2020 الذي أصاب القطاعات الاقتصادية المختلفة بسبب جائحة كورونا.

تصريحات محذرة

على وقع المخاوف الدولية من الوضع الاقتصادي العالمي، قال أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إن دعم الاقتصاد وحفظ السلام في العالم “هو السبيل لتجاوز الأزمات والتغلب على التحديات”، كما حذر من إمكانية حدوث ركود تضخمي في العالم.

وفي كلمة له، في 21 يونيو 2022، بافتتاح النسخة الثانية من “منتدى قطر الاقتصادي”، دعا أمير قطر المجتمع الدولي إلى “انتهاج مقاربة تحقق التوازن الاقتصادي بما يدعم الشعوب الفقيرة”، مشيراً إلى أن جائحة كورونا “كشفت حجم الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة، وأسهمت في توسيعها”.

ولفت إلى أن الاضطراب في سلاسل التوريد الذي تسببت به جائحة كورونا “كان من أهم عوامل ارتفاع الأسعار”، مؤكداً أن الاقتصاد العالمي “يتقلص بحجم الثلث عن العام الماضي”.

وأشار إلى أن ذلك “مؤشر على كساد مقبل”، مؤكداً أيضاً أن التوقعات تشير إلى تراجع النمو الاقتصادي “وقد يكون مقدمة لركود تضخمي”.

مخاوف عالمية

وفي 18 يونيو، قالت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، إنها لا تستبعد حدوث ركود اقتصادي في بلادها، التي تواجه أسوأ تضخم منذ 40 عاماً.

أما رئيس البنك الدولي، ديفيد مالباس، فقال في مطلع يونيو: إنه “بالنسبة للعديد من الدول سيكون من الصعب عليها تجنب الركود”.

وخفض البنك الدولي، مطلع يونيو، بشكل كبير توقعاته للنمو العالمي خلال السنة الحالية بسبب الحرب في أوكرانيا، محذراً من مخاطر حصول “ركود تضخمي”، أي “فترة طويلة من النمو الضعيف والتضخم المرتفع”، خصوصاً في الدول متدنية الدخل، بحسب تقرير سابق لوكالة “فرانس برس”.

أما الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، فقد اتهم الرئيس الحالي جو بايدن بدفع الولايات المتحدة إلى “ركود اقتصادي”، محذراً من أن سياسته تجاه الحرب في أوكرانيا “قد تسبب حرباً عالمية”.

ونقلت مجلة “نيوزويك” الأمريكية عن ترامب قوله في تصريحات تلفزيونية يوم 20 يونيو، أن إدارة بايدن “دمرت الاقتصاد” الأمريكي، وإن البلاد “دخلت مرحلة ركود”، على عكس تصريحات بايدن الأخيرة التي نفى فيها حدوث ركود اقتصادي.

وقال ترامب: “كان لدينا أعظم اقتصاد في تاريخ العالم، خاصة قبل ظهور فيروس كورونا أو الفيروس الصيني، كان لدينا أعظم اقتصاد على الإطلاق.. كان لدينا سوق للأسهم أعلى مما كانت عليه حتى قبل كوفيد…. ثم قاموا بتدميرها”.

رفع الفائدة وتضرر دول الخليج

يرى الباحث في الشأن الاقتصادي، الدكتور أحمد مصبح، أن التصريحات حول الركود الاقتصادي تأتي “في سياق ما يعانيه الاقتصاد العالمي اليوم من ارتفاع غير مسبوق لمعدلات التضخم، واستمرار التداعيات السلبية لفيروس كورونا على الاقتصاد العالمي”.

ويشير في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، إلى أن معظم الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وغيرها، “توجهت إلى تبني سياسة نقدية تشددية (رفع أسعار الفائدة) حتى تستطيع مواجهة موجات التضخم”.

ونتيجة لهذا التوجه فإن الاقتصاد العالمي- وفق ما يرى مصبح- “سيواجه في الأشهر القادمة حالة من الركود الاقتصادي، ستطول معظم دول العالم، خاصة اقتصاديات الدول الناشئة؛ مثل تركيا وماليزيا ومصر وغيرها، وذلك بسبب هروب الأموال من هذه الأسواق باتجاه بنوك الدول الكبرى”.

أما فيما يتعلق بدول الخليج، فيقول إن الضرر المتوقع لهذه السياسات سيكون له بُعدان؛ أولهما “أن دول الخليج ملزمة بتحريك سياساتها النقدية حسب تغيرات الفيدرالي الأمريكي، ومن ثم في حال استمر البنك الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة فسوف تستمر البنوك الخليجية في رفع الفائدة، ما سيؤدي إلى انخفاض في معدلات النمو، وتوقف لعجلة الاستثمارات في البلاد، ومن ثم تأثير سلبي على اقتصاديات دول الخليج”.

أما البعد الآخر فيتمثل في أن رفع أسعار الفائدة سيؤدي إلى انخفاض حجم الاستثمارات الأجنبية الواردة إلى دول الخليج، وهو ما سينعكس سلباً عليها.

موجة ركود قادمة

أما المحلل الاقتصادي اليمني وفيق صالح، فيقول إن ما أحدثته جائحة كورونا خلال عامين مضيا “قد أدى إلى تراجع الاقتصاد العالمي”.

وعلى الرغم من التوقعات التي كانت تشير إلى أن الاقتصاد العالمي سيشهد نمواً بعد التخلص من جائحة كورونا، ويرى أن الحرب الروسية الأوكرانية “أضافت ضربة جديدة للاقتصاد العالمي، وعقدت من الأزمات التي يشهدها الاقتصاد العالمي”.

ويؤكد لـ”الخليج أونلاين” أن “كل ذلك ينذر بموجة ركود قادمة، تعيق عملية النمو، وتعيد كثيراً من الأنشطة الاقتصادية في العالم إلى الخلف، وهو ما ينذر بعواقب وخيمة للاقتصادات المتوسطة والمنخفضة الدخل على حد سواء”.

وحول تلك الأضرار المتوقع أن يخلفها الركود الاقتصادي على دول الخليج، فيقول إنها تتمثل في “تراجع الطلب العالمي على النفط، نتيجة تراجع النشاط الصناعي والاقتصادي، ومن ثم فركود أكبر الدول المستهلكة للنفط سيدفعها لتقليص حجم استهلاك الطاقة، وهو ما يؤثر تلقائياً على الدول المصدرة للنفط ومنها دول الخليج”.

وأضاف: “ستتضرر هذه الدول من ناحية اتساع فجوة عجز الميزانية العامة، ولجوء البنوك المركزية لرفع أسعار الفائدة والاقتراض، لتسديد عجز الموازنة، إضافة إلى ارتفاع حجم الديون المتراكمة عالمياً على دول الخليج والدول المتوسطة والناشئة”.

وفيما يتعلق بالدول العربية وخصوصاً الناشئة منها، فيرى أنها “ستكون أكثر تضرراً من الدول الخليجية التي يمكن أن تغطي العجز من فوائض تصدير النفط”، مضيفاً: “أما الدول العربية التي تعاني مشكلات من جراء تفاقم العجز المالي وتأثير الأزمة الأوكرانية في سلاسل الإمداد الغذائي، فستكون أكبر الدول المتضررة من جراء انتشار الركود التضخمي”.

الركود ودول الخليج

يمثل الركود خطراً على الاقتصاد العالمي خلال ما تبقى من العام 2022 ومطلع العام المقبل، أكثر من الركود التضخمي.

ولعل من أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي ارتفاع أسعار الطاقة بشكل شبه مضاعف؛ خصوصاً مع الحرب الروسية الأوكرانية، بما يؤثر على النمو الاقتصادي ويجر خلفه ارتفاعات في أسعار الغذاء والنقل والمواد الخام والمواد الأخرى.

وعلى الرغم من أن دول الخليج قد تواجه أزمة من نوع آخر؛ وهي ارتفاع سلاسل التوريد وزيادة التضخم، فإنها لا تزال حتى الآن مستفيدة استفادة كبيرة من ارتفاع أسعار المشتقات النفطية.

 

وقبل الحرب الأوكرانية الروسية، كانت بيانات صندوق النقد الدولي تشير في تقرير عن آفاق الاقتصاد العالمي، الصادر في أكتوبر الماضي، إلى أن الاقتصاد السعودي سيشهد معدلات نمو تبلغ 2.8٪ للعام الحالي، ونحو 4.8٪ للعام المقبل.

وتوقع أن تحقق سلطنة عمان خلال العام الجاري ثاني أعلى معدل نمو بعد السعودية في دول الخليج، حيث توقع صندوق النقد الدولي أن تحقق نمواً بنسبة 2.5٪.

كما توقع أن تحقق البحرين نمواً بنسبة 2.4٪، ثم الإمارات العربية المتحدة بنسبة نمو 2.2٪، تليها قطر والكويت بنمو 1.9٪ و0.9٪ على التوالي.

وكانت توقعات الصندوق للعام الجاري أكثر تفاؤلاً لدول الخليج، والتي تزامنت مع توقعات استمرار ارتفاع الصادرات، حيث يبلغ النمو المتوقع لثلاث دول خليجية 4٪ أو أكثر.

وتصدرت المملكة العربية السعودية نمواً متوقعاً بنسبة 4.8٪، مقابل 4.3٪ للكويت، و4٪ لقطر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: