سياسة

موريتانيا: التحضير للحوار يتعثر وإسلاميو حزب التجمع يدعون لتنقية الأجواء

نواكشوط  : لم تتمكن لجنة التحضير للحوار الوطني الشامل بين أطراف المشهد السياسي الموريتاني من الوفاء بتعهدها الأخير الذي أكدت فيه أن جلسات التشاور الوطني ستنطلق قبل نهاية مايو/أيار الذي انصرم أمس، دون أن ينطلق أي شيء، مع أن اللجنة تؤكد أنها تواصل تذليل الصعوبات الطبيعية في مثل هذه المشاورات.
ويبدو أن عراقيل جديدة قد استجدت في الساحة السياسية الموريتانية، بينها عدم توصل رئيس البرلمان السابق مسعود ولد بلخير، زعيم حزب التحالف الشعبي التقدمي (الناصريون)، حسب أقوال منقولة عنه، لأي تفاهم مع السلطات المشرفة على الحوار حول شرطين يتمسك بهما، أولهما أن يكون الحوار برعاية الرئيس نفسه، وأن تلتزم الدولة بتطبيق مخرجاته، والثاني أن يكون الحوار شاملاً تشارك فيه هيئات المجتمع المدني إلى جانب الأحزاب السياسية.
واعتبر سمته ولد بلال، القيادي بحزب التحالف الشعبي التقدمي، « أن أي حوار ذي مصداقية لا بد أن يأخذ هذين الشرطين بعين الاعتبار» ، مؤكداً « أن رئيس الحزب مسعود ولد بلخير حريص على ألا يشارك في الحوار بدونهما، وهذا ما جعله يتغيب عن عدد من جلسات النقاش بين الأغلبية والمعارضة» .
وازدادت العراقيل المعترضة بحادثة أخرى، هي إعلان بيرام الداه اعبيد، وهو نائب برلماني ورئيس لحركة « إيرا» الناشطة في محاربة الرق، في مؤتمر صحافي أمس « أن قطب التناوب الديمقراطي الذي يضم حزب الرگ (غير المرخص)، وحزب الصواب (البعثيون)، وميثاق « الحراطين» ، وحركة « إيرا» الحقوقية، قد طرد من الحوار بالرسالة التي بعثتها لهم السلطات في مدينة أطار شمال البلاد، قبل أيام عندما اقتحمت الشرطة اجتماعاً لحزب الرگ يرأسه بيرا الداه اعبيد» . وكانت السلطات قد أكدت « أن السبب في سحب الشرطة للافتة الاجتماع هو أن الحزب الذي ينظم الجلسة غير مرخص» ، مبرزة « أنها لم تمنع المجتمعين من مواصلة اجتماعهم» .
لكن بيرام الداه اعبيد، اعتبر سحب اللافتة مناقضاً لجو التهدئة التي أرساها الرئيس الغزواني منذ وصوله للحكم، مبرزاً « أن الرئيس تعهد له بالاعتراف بحزب الرگ» .
وأكد « أن مجموعته لم تنسحب من الحوار وإنما طردت منه، عبر الرسالة التي وجهت إليهم في مدينة أطار» .
وأضاف بيرام « أنهم لا يتمنون فشل الحوار، بل يريدون له النجاح» ، معتبراً « أن فشل الحوار يسيء للصورة التي أعطى الرئيس غزواني للعالم» .
وندد بيرام بما وصفه « بالانقلاب على النسخة الحقيقية من التشاور التي أعلن عنها الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني» .
وفي هذه الأجواء التي يتعثر فيها التحضير للحوار، دخل حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (محسوب على الإخوان، ونشط في شمولية المشاركة في الحوار)، على الخط، داعياً السلطات « لبذل جهد مضاعف في تنقية الأجواء وتهيئة الظروف المناسبة التي تضمن مشاركة الجميع» .
وأضاف الحزب في بيان وزعه أمس السالك سيدي محمد نائب رئيسه « أنه منذ منتصف شهر إبريل الماضي، ولجنة الإشراف على التحضير للحوار تواصل سلسلة اجتماعاتها، وقد ناقشت فيها باستضافة العديد من الملفات والنقاط المهمة؛ وقد واكبنا خلال هذه الفترة هذه الاجتماعات بنية صادقة، وجددنا في كل مناسبة، وحتى بدونها، حرصنا على الحوار، ومستوى أهميته لدينا، وأننا ننتظر منه الكثير من النتائج للبلد، ولصالح الشعب ككل، ونرى فيه الحل الأمثل والأسلوب الأفضل لنقاش الموريتانيين، كل الموريتانيين لمشاكلهم وأولوياتهم، وقواعد دولتهم التي يريدون» .
» إن قناعتنا بالحوار الوطني، وحرصنا عليه، يضيف حزب التجمع، لا يوازيها سوى حرصنا على أن يكون حواراً جامعاً لكل الموريتانيين، بكل مكوناتهم وأطيافهم، وأن تناقش فيه كل المواضيع دون سقوف أو اشتراطات» .
وزاد: « وانطلاقاً من ذلك، وبناء عليه، يكون من واجب كل الأطراف العمل على أن لا يتغيب عن الحوار تحضيراً ومشاركة، أي طرف لديه وزن انتخابي ميداني، أو صاحب قضية، أو أي شخصية وطنية وذات مرتبة رمزية كبيرة كالزعيم مسعود ولد بلخير، أو طرف سياسي مهم كقطب التناوب الديمقراطي» .
وأكد حزب التجمع « أن شمولية الحوار تتطلب التريث، وتجنب الاستعجال أو التسرع نحو نتائج غير مضمونة ولا مجدية بناء على مقدمات غير سليمة، كما تتطلب إثبات الجميع حسن نيته من خلال التعاون والمرونة، والنقاش الجاد، والطرح المتزن، والقصد نحو ما يخدم الوطن ويعزز وحدته وديمقراطيته واستقلاله، ويضع قواعد صلبة لعقده الاجتماعي، ويصون أمواله، ويضع حداً للفساد المستشري فيه» .
وتأتي هذه التعثرات المعترضة لانطلاقة الحوار بعد أن خيمت مستهل إبريل/نيسان الماضي، أجواء من التفاؤل حول الإجماع على عقد تشاور سياسي شامل لا يقصي أحداً ولا يستبعد أي ملف ولا أية قضية.
وتمكنت الأطراف السياسية المحلية، رغم خلافاتها الشديدة منذ أن ترأس الوزير يحيى ولد أحمد الوقف الأمين العام للرئاسة جلسات تحضير الحوار، من عقد اجتماعات عدة اتفقت خلالها على أن تكون المحاور الرئيسية للتشاور هي الوحدة الوطنية، والمسار الديمقراطي، ودولة القانون، والحكامة الرشيدة، وآليات تنفيذ مخرجات الحوار.
وتمكنت اللجنة التحضيرية للحوار كذلك، من الاتفاق على تمثيل متساو لطرفي الأغلبية والمعارضة بستة أشخاص لكل منهما.
لكن يبدو مع كل ذلك، أن الطريق إلى تنظيم حوار شامل ما يزال طويلاً مليئاً بالأشواك وبالحساسيات: فهل سيضطر الرئيس الغزواني بعد الجهود التي بذلها، لتنظيم التشاور السياسي بمن حضر؟ وهل ستقبل المعارضة المتشددة تنظيمه بمن حضر؟
وهل سيؤدي كل ذلك لما يتخوف منه كثيرون، ألا وهو وصول قطار الحوار الذي طال انتظاره، إلى طريق مسدود؟

« القدس العربي »

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
جريدة نبض الوطن