
نور رمضان
نشهد أن لا إله إلا الله الحي الدائم الذي بيده نواصي العباد وكل مخلوق تدب فيه الحياة ،سبحانه ربا منفردا بالجلال والجبروت ونشهد أن محمدا عبده ورسوله .
وأما بعد :
شهر رمضان مقدس قبل الإسلام؛ وقد ورد في اللغة الآرمية باسم رمع أي رمض لأن الضاد العربية
تقابلها العين الآرمية؛ سواء كان اسمه رمضان من الرمضاء لأن تسميته وافقت شدة الحر أو لأن الصيام فيه يحرق الذنوب؛ فإنه شهر الصفاء النفسي والأدب الروحي والنور الوجداني؛ وشهر الخير والبركة والتنافس في المبرات والسباق إلى الخيرات.
وقد اختص الله تعالى رمضان بمزايا أخرى غير الصيام لأنه الشهر الذي أنزل به القرآن وأفيضت على البشرية هداية الرحمان ببعث سيدنا محمد خاتم الرسل والأنبياء عليه الصلاة والسلام.
كما أن الله جل جلاله جعل فيه ليلة مباركة وهي ليلة القدر وهي جليلة ما في ذلك من شك فقد نزل فيها القرآن الكريم من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا.
وهي ليلة الشرف والعزة والمنزلة العظيمة الكريمة للرسول( ص) وللمؤمنين وللناس أجمعين.
وقد عظم الله تعالى قدرها فقال جل علاه :** إنا أنزلناه في ليلة القدر** وقال **إنا أنزلناه في ليلة مباركة **
ورسالة الروح والإيمان في رمضان عميقة جدا.فالصيام ليس الامتناع عن الطعام والشراب فحسب وإنما هو صوم وصون النفس من مدنساتها والجوارح من ملذاتها وشهواتها ،و أخيرا من منع النفس عن الطعام والشراب،يقول الله تعالى: “” كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم أياما معدودات “” والرسول (ص) يقول : “من لم يدع قول الزور والعمل به فليس له حاجة في أن يدع شرابه وطعامه “ولهذا المعنى فإن الصوم انتصار على النفس وتقويم الخلق وتعديل للسلوك وتوحيد لمشاعر المسلمين، حيث أنهم في كل بقاع العام يتوحدون في الافطار إذا أذن للمغرب تناولوا طعامههم وإذا قيل الله أكبر في الفجر تمنعوا عن الاكل وأقبلوا على الله تعالى خاشعين مستقبلين يوما جديدا من أيام رمضان المبارك بالخير والبركة.
والاسلام دائما يربط المسلم بربه في كل الأعمال التي يقوم بها خلال يومه منذ استقاظه إلى نومه، ووكله بقول الأدعية المناسبة،فيما يتعلق بأي حالة من حالاته سواءأثناء اللبس, السفر ,النوم ,اليقظة …..فمن من الأدعية المأثورة عن النبي (ص) في سياق رمضان المبارك قوله عند الافطار : ” اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إنشاء الله تعالى “.
وروى أنس ابن مالك رضي الله عنه أن النبي (ص )” يفطر قبل أن يصلي على رطبات فإن لم تكن رطبات فثمرات وان لم تكن ثمرات حسا حسوات من ماء،”
وقد اقترن شهر رمضان في صدر الاسلام بالمعارك التاريخية والفتوحات الإسلامية أهمها فتح مكة في الثامنة من الهجرة النبوية في يوم 21رمضان حيث أذن الله تعالى للحق
أن يعود لنصابه ويطهر أحب البلاد إلى الله تعالى والى رسوله( ص)
ويطهروها من أدران الشرك ورجس الوثنية، ليرتفع لأول مرة صوت الاذان مكبرات الله أكبر الله أكبر جاء الاسلام جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا .
وأيضا في رمضان ليله عظيمة الشأن مباركة ليلة العزة للرسول الكريم والمؤمنين والناس أجمعين ، ألا وهي ليلة القدر، بلغنا الله إياها وإياكم وأثابنا أجرها وأنوارها وقد عظم الله تعالى قدرها بنزول القرآن الكريم فقال عز من قائل: “‘إنا أنزلناه في ليلة القدر”‘ وقال: “” وانا أنزلناه في ليلة مباركة”” .
كما لن ننسى أعزائنا الكرام الدعاء المأثور فيها: ** اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا **.
وصراحة حبذا ملازمتنا له طيلة الشهر الفضيل وبعده .
وفقنا الله تعالى لما يحبه ويرضاه وهدانا جميعا سواء السبيل إنه سميع مجيب.
بقلم الكاتبة والشاعرة منى بنحادو