
هل بدأ عقد ائتلاف حكومة أخنوش في الانفراط؟
روما،أمين بوشعيب ،<<نبض الوطن>>:
في خضم الغضب الشعبي، الذي أثاره وأجّجه ارتفاع أسعار المحروقات في المغرب، واستمرار استنزاف جيوب المغاربة بسبب جشع شركات توزيع الوقود، رفضت حكومة عزيز أخنوش بكل شدة، مقترحا بدعم المحروقات، كما كان عليه الحال في عهد الحكومات السابقة، قبل أن تقوم حكومة بنكيران بتحرير أسعارها، حيث صرحت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، في جوابها على أسئلة البرلمانيين بمجلس النواب يوم الاثنين المنصرم، بإن مقاربة الحكومة في تدبير أزمة ارتفاع أسعار المحروقات، والتي تتجلى في دعم مهنيي النقل، تبقى هي الاختيار الصائب، وقالت بأن هذا الدعم “هو الذي سيمكننا من مساعدة المواطنين” في حين “أن دعم المحروقات سيؤثر على خيار الدولة الاجتماعية”
وقبل ذلك، رفضت هذه الحكومة مقترحا يهمُّ إعادة تشغيل مصفاة “سامير”، بل ذهبت إلى حد القول على لسان وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي: ” إن المغرب ليس في حاجة إلى “مصفاة سامير”، معلنة في نفس الوقت أن الحكومة تفكر في حلول أخرى – لم تصرح بها – بديلة عن إعادة تشغيل هذه المصفاة.
وفي نفس اليوم الذي رفضت فيه الحكومة دعم المحروقات، وكذا رفض إعادة تشغيل “مصفاة سامير” دعا حزب الاستقلال، في مداخلة بنفس جلسة الأسئلة الشفوية إياها، إلى إعادة التفكير في تشغيل شركة “سامير” كحل جذري، يمكن من إنعاش الاقتصاد الوطني للبلاد بشكل عام.
بعد ذلك بيوم واحد، وأثناء استضافته في برنامج نقطة إلى السطر، على القناة الأولى المغربية، دعا القيادي هشام المهاجري، عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، إلى ضرورة وضع ارتفاع الأسعار أمام أعين الحكومة، وأنه لا بد من إعادة دعم المحروقات، ووضع مسمار جحا لشركات المحروقات، لمعرفة ما يقع، ولتحديد وضبط هامش الربح المعقول، وذلك من أجل المحافظة على السلم الاجتماعي.
لنتمعّن في هذا الخرجات الإعلامية: فحزب التجمع الوطني للأحرار يرفض دعم المحروقات، على لسان وزيرته في الاقتصاد والمالية، وحزب الأصالة والمعاصرة يرفض إعادة تشغيل مصفاة سامير على لسان وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، وحزب الاستقلال يدعو في البرلمان إلى إعادة تشغيل ” مصفاة سامير” كحل جذري للخروج من أزمة الطاقة، وحزب الأصالة والمعاصرة، مرة أخرى، يدعو إلى ضرورة إعادة دعم المحروقات.
هذه التصريحات المتضاربة وقعت في أسبوع واحد تقريبا، ومن الأحزاب الثلاثة التي تشكّل الائتلاف الحكومي، الذي تم إعلانه يوم 22 شتنبر 2021 على لسان عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية المكلف آنذاك، خلال مؤتمر صحفي مشترك بالرباط جمع أخنوش، أمين عام “التجمع الوطني للأحرار” وعبد اللطيف وهبي، أمين عام “الأصالة والمعاصرة” ونزار بركة، أمين عام “الاستقلال، حيث اتفق الزعماء الثلاثة على ضرورة توفر حكومة قوية ومنسجمة قادرة على تنفيذ برنامجها الذي سيكون بمثابة خارطة طريق عمل التحالف، من أجل مستقبل أفضل وذلك من خلال اختيار وزراء في المستوى ويتمتعون بالكفاءة والمسؤولية.
ولكن ما الذي جعل حزب الاستقلال وحزب الأصالة والمعاصرة، بعد مرور بضعة أشهر، يغردان خارج سرب التحالف؟ فهل هي بداية انفراط عقد هذا الائتلاف الذي يقوده حزب الأحرار؟ أم أن شريكا عزيز أخنوش في الحكومة، يريدان التهرب من المسؤولية والقفز من السفينة خوفا من الاحتراق بنار الأسعار الملتهبة؟
لقد بات واضحا أن تعليق فشل الحكومة في حماية قدرة الشعب الشرائية، على مشجب الأزمة الاقتصادية العالمية وارتفاع أثمنة المواد الطاقية عالميا، لم يعد يجدي نفعا. ولعل حزب الاستقلال وحزب الأصالة والمعاصرة -شريكا حزب الأحرار في الحكومة- قد أدركوا أن الاستمرار في تبرير الأزمة التي يعرفها المغرب، يعتبر نوعا من الانتحار السياسي، خصوصا وهم يعلمون علم اليقين، أن الشركة التي يملكها رئيس الحكومة عزيز أخنوش متورطة في الزيادات المهولة في المحروقات وذلك بشهادة الجميع، فلماذا يتحملون تبعات امتناع “أخنوش” للقيام بما يلزم للحد من الارتفاع الصاروخي لأسعار المحروقات؟
وعلاقة بما سبق، وفي تقييم للعمل الحكومي بشكل عام، يرى عدد من الخبراء والباحثين، “أن البرنامج الحكومي الذي مازال يراوح مكانه انطلاقا من عدة زوايا، حيث لا تكفي الأجوبة الشفوية للوزراء لتغيير الوقائع، أو نفي الواقع البئيس الذي تتخبط فيه الطبقات الشعبية ” وعليه، أرى ان الائتلاف الحكومي الحالي بات مهددا، وأن فرص صموده باتت ضئيلة جدا. خاصة ونحن نعلم أن المغاربة، قد أطلقوا في وقت سابق، هاشتاك “أخنوش ارحل” على موقع التواصل الاجتماعي، بعد أن فقدوا صبرهم، وضاقوا ذرعا بحكومة أخنوش التي نكثت وعودها، ووقفت موقف المتفرج أمام الارتفاع الصاروخي لمواد المعيشة.
فلاش: كشف تقرير جديد للمندوبية السامية للتخطيط، أن مستوى ثقة الأسر المغربية عرف خلال الفصل الأول من سنة 2022، تدهورا حادا، فقد وصل أدنى مستوى له منذ سنة 2008، تاريخ انطلاق العمل ببحث الظرفية لدى الأسر. وسجل التقرير وجود إحساس لدى الأسر بتراجع حادّ لمستوى المعيشة، إذ بلغ معدل الأسر التي صرحت بتدهور مستوى المعيشة خلال 12 شهرا السابقة %79,2، وأما بخصوص تطور مستوى المعيشة خلال 12 شهرا المقبلة، فتتوقع هذه الأسر استمراره في التدهور.
أظن أن هذا التقرير الذي أنجزه خبراء المندوبية السامية للتخطيط عن طريق البحث الميداني، فيه الرد الكافي على قيادات حزب التجمع الوطني للأحرار التي ترفض ما أسمته تشويش الخصوم على جهود الحكومة التي يرأسها عزيز أخنوش من خلال توظيف ارتفاع الأسعار. فهل الخصوم الذين يقصدهم قيادات حزب الأحرار بالتشويش هم “الأسر المغربية” التي اشتكت من تدهور مستوى معيشتها بسبب ارتفاع الأسعار؟ كل شيء وارد في ظل هذا التراشق الإعلامي الذي بدأ يلوح في الأفق.
أمين بوشعيب