
هل يستعدّ النظام القديم في تونس للعودة إلى الحكم من بوابة الجيش؟
تونس : تعيد التصريحات الأخيرة للجنرال السابق كمال العكروت الجدل حول محاولة النظام القديم في تونس إعادة تنظيم صفوفه للعودة إلى الحكم مستعينا بقيادات عسكرية سابقة، وخاصة في ظل اتهامات للعكروت بمحاولة استقطاب بعض قيادات الحزب الدستوري الحر، الذي يضم قيادات سابقة من نظام بن علي، وهو ما يتزامن أيضا مع حديث البعض عن معارضة قيادات في الجيش لطريقة تسيير الرئيس قيس سعيد للبلاد.
وكان العكروت، وهو رئيس المخابرات العسكرية السابق، كثف حضوره أخيرا على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام عبر سلسلة من التدوينات واللقاءات الصحافية، هاجم في آخرها حركة النهضة، التي قال إنها كانت تسعى لفرض الحجاب داخل الجيش خلال حكم الترويكا، كما هاجم رئيس الحركة راشد الغنوشي الذي قال إنه جاء بـ”إيديولوجيا هدّامة” لتونس، في محاولة لمغازلة التيار المعارض للإسلاميين في البلاد.
وخلال الأشهر الأخيرة دأب الجنرال العكروت على انتقاد الرئيس قيس سعيد، بعدما أعلن مع مجموعة من الجنرالات السابقين عن تأييدهم لتدابيره الاستثنائية.
ففي أيار/مايو الماضي، وجه العكروت رسالة شديدة اللهجة إلى سعيد، دعاه فيها إلى فك “العزلة” التي وضع نفسه فيها، كما دعاه إلى تعديل “الطريق الخاطئ طريق التصادم” الذي يقود البلاد فيه، مؤكدا أن “ثمة فقدان ثقة في قدرتك على إنقاذ البلاد، حتّى من الذين آمنوا بك في وقت ما”.
وتمثل التصريحات الأخيرة “انقلابا” كبيرا في موقف العكروت، الذي سبق أن تقدم مع عدد من الجنرالات السابقين بمبادرة في حزيران/يونيو عام 2021، دعوا فيها سعيد لـ”إنقاذ البلاد” عبر تفعيل الفصل 80 من الدستور والذي يفرض الحالة الاستثنائية، معتبرين أنه السبيل الوحيد للتخلص مما سموه “منظومة الفشل”، في إشارة إلى حركة النهضة وحلفائها.
وقبل أشهر، اتهمت عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر، العكروت، بمحاولة استهدافها من أجل إقصائها من الحزب الذي يضم أبرز قيادات نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
وقال موسي، في تصريح تلفزيوني، “لدينا معطيات بخصوص اتصال العكروت بهياكل الحزب بالساحل من أجل ضرب الحزب واستهدافي”.
وتأتي تصريحات العكروت في ظل الحديث عن وجود “تململ” داخل الجيش التونسي، وخاصة مع اعتراض عدد من القادة العسكريين على طريقة تسيير الرئيس قيس سعيد للدولة، والزج بالجيش – الذي بقي محايدا لسنوات طويلة – في المعركة المتواصلة مع خصومه السياسيين.
وكانت بعض المصادر توقعت قيام الجيش التونسي بالضغط على الرئيس سعيّد للتنحي من منصبه بعد التأكد من قطع الطريق على عودة الإسلاميين للحكم، مشيرة إلى أن سعيد لم يكن ليتمكن من “الانقلاب” على السلطة لولا دعم الجيش، الذي كان يرغب أساسا بالتخلص من حركة النهضة وحلفائها.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها الحديث في تونس عن قيام النظام القديم باستعمال ورقة العسكر للعودة للحكم، فخلال الانتخابات الرئاسة السابقة في 2019 تم تسويق اسم وزير الدفاع السابق عبد الكريم الزبيدي كرئيس للبلاد.
وقد أثار الزبيدي حينها جدلا واسعا بعدما أكد أنه أعطى أوامر للجيش بتطويق البرلمان لمنع ما سماه “الانقلاب على الشرعية” خلال الوعكة الصحية التي تعرض لها الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي ضمن ما سمّي حينها “الخميس الأسود”. ورغم الدعم السياسي الواسع الذي كان يحظى به الزبيدي، فإنه لم يتمكن من الوصول للرئاسة التي آلت لسعيد، الذي شكل نجاحه في الانتخابات الرئاسية مفاجأة كبيرة في تونس.
“القدس العربي”