وزير المالية الألماني يرفض تطبيق زيادات كبيرة في الإنفاق الحكومي لمعالجة ارتفاع أسعار المستهلكين
رلين/فرانكفورت : رفض وزير المالية الألماني، كريستيان ليندنر، تطبيق زيادات هائلة في الإنفاق الحكومي باعتبارها طريقا خاطئا في معالجة الارتفاع الكبير في أسعار المستهلكين.
وقال في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية أمس الإثنين «المساهمة المحورية للدولة يجب أن تكون ميزانية متوازنة لتجنب ضغوط إضافية على الأسعار»، موضحا أنه بدلا من مجرد كبح عواقب التضخم، يجب على الدولة مكافحة أسبابه.
وعقدت الحكومة الألمانية الاتحادية أمس اجتماعاً على مستوى القيادات مع نقابات عمالية واتحادات أرباب العمل وكذلك البنك المركزي لإطلاق مبادرة «العمل المتضافر».
وكان المستشار الألماني أولاف شولتس قد أعلن عن خطط لهذه المبادرة في ظل الوضع الاستثنائي الراهن.
وتم إطلاق هذه الحملة على غرار محادثات مماثلة أجريت في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
وسيتم الإعلان عن النتائج النهائية لما سيتم الاتفاق عليه
وقال ليندنر «العودة إلى كبح الديون الذي أدافع عنه هو أيضاً إشارة إلى البنك المركزي الأوروبي بأنه لا يتعين عليه أن يأخذ الميزانية الاتحادية الألمانية في الاعتبار عند اتخاذ قرارات السياسة النقدية، بل يمكنه فعل ما هو ضروري… في الوقت نفسه يجب أن نخفض الدعم الذي يتسبب في زيادة الأسعار وأن نفعل كل ما في وسعنا لجعل الطاقة أرخص».
ورفض ليندنر مطالب ساسة من الائتلاف الحاكم والنقابات بإقرار زيادات في الديون والضرائب، وقال: «الجمع بين زيادات ضريبية وسياسة توزيع إضافية قائمة على الديون سيكون ضارا وبمثابة برنامج للإفقار»، مضيفا أنه بالنظر إلى ارتفاع أسعار الفائدة للدولة، فإن التنمية الاقتصادية بأكملها ستخفت خلال فترة قصيرة.
وبالنسبة للعام المقبل، يرى وزير المالية أن هناك مجالا لتخفيف الأعباء عن الطبقة المتوسطة العاملة، وقال: «لا ينبغي للدولة أن تتدخل في استقلالية المفاوضات الجماعية حول الأجور، لكن يمكننا أن نوضح للشركاء الاجتماعيين أن زيادة الرواتب لن تؤدي تلقائيا إلى أعباء ضريبية إضافية»، مشيرا إلى أن الأوساط النقابية دعت أيضاً إلى مكافحة الزيادة الباردة في الأجور، التي تعني إجراء تعديلات في قانون الضرائب تتماشى مع جهود مكافحة التضخم.
على صعيد آخر وصف رئيس مصرف «دويتشه بنك» الألماني، كريستيان زيفنغ، التضخم المرتفع بأنه «سم» للمجتمع. وقال خلال مؤتمر مصرفي في مدينة فرانكفورت الألمانية أمس أنه عندما يقول 40% من الأفراد في استطلاعات الرأي إنهم لم يعد بإمكانهم الادخار في نهاية كل شهر، فإن هذا يهدد السلم الاجتماعي في ألمانيا.
وذكر زيفينغ أن ضغط الأسعار المستمر يزيد علاوة على ذلك من خطر حدوث ركود، موضحاً أن دفاتر طلبات الشركات لا تزال ممتلئة والأرباح عالية، لكنه أعرب في المقابل عن قلقه بشأن الأشهر الاثني عشر المقبلة، حيث تنضم عوامل أخرى مثل جائحة كورونا المستمرة وسلاسل الأمداد المتوترة والاختناقات في سوق العمل إلى انفجار الأسعار، مضيفاً أنه إذا فُرض حظر على واردات الغاز من روسيا في سياق حرب أوكرانيا، فسوف تدخل ألمانيا في «ركود عميق».
وقال زيفينغ أن خطوة زيادة أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية «حتمية» بالنظر إلى التضخم المرتفع، موضحاً أن كبح ارتفاع الأسعار غير ممكن إلا إذا اتخذت البنوك المركزية إجراءات مضادة حاسمة، معرباً عن أمله في أن يرفع مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأمريكي) أسعار الفائدة بمقدار 0.75 نقطة مئوية، وأن يرفع البنك المركزي الأوروبي «أسعار الفائدة بشكل أسرع مما هو متوقع».
وارتفعت أسعار المستهلك في منطقة اليورو بنسبة 6ر8% في حزيران/يونيو الماضي على أساس سنوي. وحسب بيانات مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني، ارتفع معدل التضخم في ألمانيا في ذلك الشهر بنسبة 7.6% على أساس سنوي. ونتيجة لذلك، تعالت الأصوات المطالبة بتخفيف الأعباء عن المواطنين.
… ورئيس المركزي يدعو لمكافحة حازمة للتضخم في منطقة اليورو
فرانكفورت – د ب أ: دعا رئيس البنك المركزي الألماني، يواخيم ناجل، مجدداً إلى اتخاذ إجراء حاسم ضد التضخم القياسي في منطقة اليورو.
وحذر قائلاً «كلما كانت السياسة النقدية أكثر تردداً الآن، كلما زادت مخاطر الدخول في وضع سيتطلب لاحقا تشديدها بشكل أكثر مباغتة وأقوى من أجل ضمان استقرار الأسعار»، مؤكدا أن المهمة الآن هي التركيز الكامل على مكافحة التضخم، معربا عن تشككه إزاء تطوير أداة جديدة في البنك المركزي الأوروبي لمكافحة الأزمة.
وقال ناجل خلال مشاركته في فعاليات قمة لخبراء المالية في منطقة اليورو: «ما يجب أن تمنعه السياسة النقدية بالتأكيد هو فصل توقعات التضخم متوسطة وطويلة المدى عن هدفنا الخاص بالتضخم»، موضحا في إشارة إلى البنك المركزي الأوروبي أن هذا يتطلب «إجراءات حازمة للسياسة النقدية»، ومشيرا إلى أن الخطوة الأولى نحو أول رفع لسعر الفائدة من المنتظر أن تكون في 21 تموز/يوليو الجاري.
وأوضح ناجل أنه إذا لم تتحسن توقعات التضخم على المدى المتوسط، فإنه يعتقد «أن رفع سعر الفائدة بشكل أكبر سيكون أمرا مناسباً بالتأكيد».
وفي ضوء التضخم القياسي وبعد الكثير من التردد قرر مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي الخروج من سياسته النقدية المتساهلة للغاية. ويعتزم البنك في الاجتماع الدوري المقبل لمجلس إدارته في 21 تموز/يوليو رفع أسعار الفائدة الرئيسية لأول مرة منذ 11 عامأً. ومن المنتظر أن يبلغ الرفع مبدئيا ربع نقطة مئوية. وبالنسبة للاجتماع المقرر عقده في أيلول/سبتمبر المقبل قد يعلن البنك المركزي عن رفع آخر لسعر الــفائدة.
غير أن أسعار الفائدة المرتفعة يمكن أن تصبح عبئا، خاصة على البلدان المثقلة بالديون في جنوب أوروبا. وفي الآونة الأخيرة ارتفعت العوائد على سندات الحكومة الإيطالية بشكل حاد. ويعتزم البنك المركزي الأوروبي التدخل في هذا الخصوص وأعلن عن أداة جديدة لمكافحة الأزمة.
لكن ناجل أعرب عن شكوكه في هذا الأمر، موضحاً أن مهمة الدول الأعضاء هي تعزيز الثقة في سياساتها المالية. وحث على توخي الحذر «خلال محاولة الحد من علاوات المخاطر عبر أدوات السياسة النقدية»، موضحاً أنه لا يمكن تبرير تدابير السياسة النقدية غير المعتادة ضد التجزئة المالية إلا في حالات استثنائية وفي ظل ظروف محدودة.
وطالب ناجل في حالة إقرار البنك المركزي الأوروبي «أداة مكافحة التجزئة» بأن يكون التطبيق «محدوداً زمنياً»، وقال «من الواضح أن تركيزنا يجب أن ينصب في الوقت الحالي على المعدلات العالية لارتفاع الأسعار».