مغاربة ميلانو ورمضان: ليالي روحانية بطعم الإحسان لضيوف الرحمن
استقطبت ايطاليا، منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي، أعدادا مهمة من المهاجرين المغاربة، وتكونت بهذا البلد الأوروبي جالية مهمة، مازالت تحافظ على ارتباطها الوثيق ببلدها.
ومن حسنات هذا التواجد المكثف، عدم إحساسهم، بالغربة في أقصى تجلياتها، والدليل الانتشار الكبير للسلع المغربية في أسواقها، وتواجدهم في جل مدنها وأحيائها.
موقع القناة الثانية، ضمن سلسلة ربورطاجات رمضان ومغاربة العالم، يحل هذه المرة ضيفا خفيفا، على السيدة حياة شعوب فاعلة جمعوية، تقطن بمدينة ميلانو:
“الخير موجود”:
تضم مدينة ميلانو عددا من المحلات التجارية، يطلق عليها “الجزارات الاسلامية”، أغلبها يملكها مغاربة ومصريون، وتقدم جميع السلع التي تحتاجها الأسر المغربية، خلال هذا الشهر الفضيل.
ومن أهم الجزارات تقول رفيقتنا في الرحلة “للا حياة” التي قضت بإيطاليا أزيد من 11 سنة، سلسلة محلات العرفة، والتي يملكها تاجر من جنسية مصرية، وتتواجد بعدد من المناطق بميلانو، ويبقى أشهرها المتواجد بحي (سيسطو).
وتقدم هذه الجزارات، الخضر والفواكه، والمواد الغذائية والسلع بشتى أنواعها، من دقيق وزيوت وقطاني، وغيرها من المواد التي تستهلك في الشهر الفضيل.
وبالإضافة إلى عرفة، هناك محلات تجارية متخصصة في بيع المواد المغربية، وهي عبارة عن “بازارات” كبيرة، تباع فيها السلع بالجملة،مثل محلات شاطر، ودزيو، والصحراوي.
الغربة بطعم “نص نص”:
تقول حياة في تصريحها لموقع القناة الثانية:”نحن محظوظون جدا، مقارنة مع باقي مغاربة العالم، فكما تعلمون تضم إيطاليا وخاصة ميلانو، جالية مغربية مهمة، وهو الأمر الذي يجعلنا في بعض الأحياء نحس وكأننا في بلدنا المغرب، وهذا ساهم كثيرا في رفع الشعور والإحساس بالغربة”.
“قد تصادف في طريقك وأنت متجه إلى المحلات التجارية، أو عملك عبر وسائل النقل، مغاربة يتحدثون إليك، وتتجاذب معهم أطراف الحديث، نناقش كل الأمور التي تهم بلدنا، بما فيها حتى السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكذا المستجدات في الساحة الوطنية، وهو نقاش يجعلنا على اتصال مباشر بما يقع في المغرب، لذلك لا نعتبر أنفسنا في غربة تامة، بل يمكن أن نصفها بمقولة اللهجة المغربية ( نص نص).
محل الصحراوي “صندوق العجب” :
يتواجد هذا المحل التجاري، الذي يملكه أحد من أبناء الصحراء المغربية البررة، بمقربة من محطة القطار الرئيسية بميلانو.
تدفع الباب، ليواجهك العاملون به وكلهم مغاربة بابتسامة عريضة، على يمينك تجد جزارا، يُقطع اللحوم البيضاء والحمراء، ويرصها في الواجهة الزجاجية للمحل، وبمقربة منه تتواجد سلع مغربية أصيلة من الزيت البلدي القادم من العطاوية وبني ملال، والزيتون المشرمل والمقطع وبدون نواة، وجميع أنواع التوابل من كمون وإبزار وفلفل احمر وزنجبيل وقرفة، وتوم، وأنواع “المروزية”، إضافة إلى الخبز المغربي البطبوط.
هنا في محل الصحراوي، يجد المغاربة ضالتهم، وكل مايحتاجونه من مواد غذائية، وأثاث مغربي أصيل، ففي هذا المحل، تعثر على المقراج والبراد وكؤوس الشاي والطاجين المصنوع من طين آسفي، إضافة إلى الملابس التقليدية، بما فيها الدراعة الصحراوية والجلابة المغربية الأصيلة والكنادر بشتى انواعها والبلغة.
الشهيوات بـ “الكوموند”:
أغلب الأسر القاطنة بميلانو تقول حياة، يقومون باقتناء (شهيوات) رمضان من شباكية و(سلو) وبسطيلات والمخبوزات بشتى أنواعها والمملحات، من مغربيات متخصصات في الطبخ، ويشترط أن يسبق ذلك طلب هذه الحاجيات بأيام.
ومن اشهر المغربيات بميلانو، نجد مليكة البيضاوية، شربت المهنة وداع صيتها، وأصبحت متخصصة في الطبخ المنزلي المغربي الأصيل، وتتلقى العشرات من الطلبات قبل حلول رمضان بأزيد من شهر.
موضة “الفطور في المطاعم” :
مع التطور الذي عرفته بنية الأسر المغربية في المهجر، فإن أغلبها اليوم تقول السيدة حياة، يخصص يوما أو يومين أو ربما أيام، لتناول الفطور في جو عائلي في المطاعم.
ومن أهم هذه المطاعم بميلانو، يبقى مطعم “دار الضيافة” الأكثر شهرة، فهو يقدم إفطارا مغربيا بكل مقوماته، ويمكن للأسر الحجز مسبقا، ومن بين مميزاته، أن المكلفين بتهيئ الوجبات والاطباق كلهم من المغرب، ولديهم خبرة في مجال عملهم.
إضافة إلى دار الضيافة، يتواجد مطعم برج العرب، لمالكه (صلحي) من الفقيه بن صالح، وأطباقه هو الآخر آية في الإتقان، ويقدم بدوره وجبات الافطار الرمضاني للعائلات والأفراد، و بأثمنة مشجعة.
وهناك مطاعم مغربية عصرية راقية، وثمنها مرتفع شيئا ما، مثل مطعم ياقوت ب via Cadore، ومطعم الجديدة، ثم مطعم مغربي بجوار بياسا لودي.
إضافة إلى ذلك، تتواجد مطاعم شعبية بميلانو، ويعتبر مطعم علاء الدين، من أقدم مطعم مغربي موجود بـ”كرفيتو”، إضافة إلى عدة مطاعم مغربية صغيرة، عددها يبلغ حوالي العشرة، وهي موجودة بقلب ميلانو.
سبت “ليما ” واثنين “كوزانو”:
تقول السيدة حياة:” في ميلانو عدد من الأسواق الشعبية، غير أن ما يميزها هو أن أغلب المغاربة، يفضلون التسوق في الجزارات الإسلامية، وفي محلات البقالة المنتشرة بأحياء المدينة”.
وبالرغم من ذلك تحظى بعض الأسواق باهتمام أبناء الوطن، ومن بينها سوق ليما، والذي يفتح أبوابه يومي الثلاثاء والسبت، وبه كل ما يحتاجه المستهلك، من خضر وفواكه وأسماك، هذه الأخيرة أسعارها مرتفعة جدا، وما يميزه أن بعض الخضر المغربية تكون حاضرة في أروقته كما هو الحال للطماطم.
ويوم الاثنين، يفتح سوق (كوزانو ميلا نينو) أبوابه، حيث يبيع الايطاليون سلعا بأثمنة جد مخفضة، خاصة الشكلاطة وأنواع من البيسكوي والعواصر، وهي مناسبة يستغلها المتبضعون لاستغلال “الهوْتة”.
وتبقى غالبا المراكز التجارية خارج حسابات أبناء جاليتنا، حيث يتجنب مغاربة ميلانو اقتناء حاجياتهم وأغراضهم اليومية منها، والسبب حسب متحدثنا الأسعار و الأثمنة المرتفعة التي تتصدر هذه السلع.
وبخصوص الأسواق اليومية، وبحكم أن ميلانو مدينة كبيرة، فتحتضن أسواقا كثيرة في يوم واحد، حيث يحصل المغاربة على الخصر والملابس، فمثلا يوم الثلاثاء نجد السوق بكل من أحياء corvetto ، و bonola، وcentrale lima و papiniano و zara .
ليلة القدر بطعم “الكسكس بالقديد”:
اختارت السيدة حياة، إعداد وجبة الكسكس بالقديد، ليلة السادس والعشرين من رمضان لهذه السنة، والموافق لليلة القدر، تقول :”أعددت هذه الأكلة التقليدية في منزلي، واستقبلت أفرادا من العائلة، وأحيينا ليلة القدر في المنزل، حيث تناولنا القصعة، وبعدها قمنا بأداء صلاة العشاء والتراويح، تم خصصنا وقتا للابتهالات وقراءة القرآن، قبل أن نختم بالدعاء”.
ليلة القدر بميلانو، هي مناسبة لنشر المحبة والخير والعمل الاحساني تقول حياة، فبحكم نشاطها في جمعيات مدنية بايطاليا، فهي تسعى دائما إلى تنظيم مبادرات، من قبيل عمليات الافطار المجاني لعابري السبيل، وللطلبة والذين تقطعت بهم السبل في المهجر.
وهذه السنة، وفي ليلة القدر في مسجد سان سيرو، تم تهييء حوالي 20 قصعة من الكسكس المغربي، ووزعت على ضيوف الرحمن بالمسجد.
المصدر : 2m.ma
سعيد مكراز